أنطون سيدهم.. والسياسة الخارجية
نشر بتاريخ 5 – 5 – 1985
الاحداث الوارده فيه مرتبطة بزمن نشره
قرأت, بكل أسي, في الصحف البريطانية في شهر فبراير الماضي أخبارا عما اتخذته الحكومة البلغارية من إجراءات مشددة ضد أفراد الأقلية المسلمة لتغيير أسمائهم إلي أسماء بلغارية, ولما كانت غالبية هذه الأقلية من أصل تركي, فقد قامت الحكومة التركية بالاحتجاج علي هذه الإجراءات, ثم قرأت بعد ذلك عن مفاوضات بين الحكومتين لإيقاف هذا التعسف.
ومضت أسابيع بدون أية أخبار عن هذا الموضوع, مما اعتقدت معه أنه تمت تسوية هذه المشكلة بما يصون حقوق هذه الأقلية, وبما يكفل لها جميع الحريات العقائدية والوطنية, ولكن أدهشني ما قرأته بالصحف عن استمرار الحكومةالبلغارية في تصرفها, بل تصلفها وتعنتها المقيت لتنفيذ إجراءاتها ضد هؤلاء المواطنين.
لقد ساءني كل الاساءة أن أجد أن المجتمع يقف متوف الأيدي أمام هذا التعصب الأعمي دون أن يتصدي له, أو يعلن استنكاره لمن يقترفه ويمارسه.. أين لجنة حقوق الإنسان بهيئة الأمم المتحدة؟.. ولماذا لم تجتمع لاتخاذ قرار ضد هذا الخرق لأهم مبادئ حقوق الإنسان.. وهو حرية العقيدة التي من مظاهرها الحرية الشخصية في اختيار الأسماء.
إنني أطالب حكومتنا بالاتصال فورا بممثل مصر في هيئة الأمم المتحدة للمطالبة بدعوة لجنة حقوق الإنسان للانعقاد واتخاذ قرار بشجب هذا التصرف, والعمل الفعال لإيقاف هذه الاجراءات المجافية للعدالة والحرية من الحكومة البلغارية.
أين هي الولايات المتحدة الأمريكية, والدول الغربية التي رأينا منها الاحتجاجات والعقوبات المتوالية ضد الحكومة السوفيتية عند تجنيها علي بعض الكتاب والمفكرين؟.. لماذا لم تتخذ أي إجراء أو احتجاج أو لفت نظر للحكومة البلغارية علي ذلك التصرف الأخرق مع الأقلية المسلمة…؟
كما أطالب بعقد مؤتمر شعبي بالأزهر الشريف من ممثلي الشعب المصري, وعلي رأسهم رجال الدين الاسلامي والمسيحي, في إطار الوطنية, لإعلان رأيهم ورفع صوتهم باستنكار هذا التصرف المزري من الحكومة البلغارية, وإيفاد ممثلين للمؤتمر لمقابلة السيد رئيس الجمهورية, والسيد رئيس الحكومة, لتقديم توصيات هذا المؤتمر الشعبي لهما, كما أري إبلاغ هذا البيان إلي ممثلي الدول بالقاهرة, وتشكيل لجنة لمتابعة تلك التصرفات, وإعداد تقرير عن مدي مجافاتها لميثاق حقوق الإنسان, وتعارضها مع القانون الدولي وما نص عليه من تلك الحقوق.
أنها إجراءات خرقاء, قمينة بأن تستنفر النفوس للتصدي لها, وللحيلولة دون المضي فيها.. لا من أجل هؤلاء الذين يرسفون في ظلها, بل من أجل كل من ينشد العدالة والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص…
إننا إذ نثير تلك المشكلة علي هذه الصحائف, ونهيب بالرأي العام العالمي أن يهب لنجدة مسلمي بلغاريا, أنما نحب أن يعرفوا أن لهم إخوة في الإنسانية ـ وليس في الدين فحسب ـ يأبون لهم الضيم ويدفعون عنهم الظلم.