أنطون سيدهم.. ومشوار وطني
نشر بتاريخ 11/12/1994
كتبنا في العدد الماضي عن التعاون والاستهتار والفرص التي ضاعت بسبب هذا الأهمال الفظيع والذي يكلف مصر المليارات من الدولارات ومثلها بالجنيه المصري يدفعها الشعب بصفة ضرائب زائدة تجبي منه وهو محتاج لكل مليم منها, وذكرنا حالتين تظهران بكل وضوح هذا الأهمال المغرض والأغراض الدنيئة, وهي موضوع مشروع مصانع الورق بقوص, ولسبب أو آخر, ويقال أنه كان هناك عطاءان مقدمان أحدهما الماني والآخر ياباني, ولما كان العطاء الألماني أقلهما سعراو وأحسنهما شروطا فكان المفروض أن يرسو عليه المشروع, ولكن لما كان المنتفعون من العطاء الياباني من أصحاب النفوذ, فقد تفتق ذهنهم عن أفتعال مؤامرة الرشاوي المعروفة والتي ذهب ضحية لها أحد رجال الأعمال المرموقين وبعض كبار موظفي وزارة الصناعة, والذين بقوا في السجن حوالي السنتين.. وأخيرا حكم القضاء العادل ببراءتهم من هذه التهمة البشعة, وكانت النتيجة وبالا, إذ ركن المشروع, وبعد حوالي العشر سنوات فها هو المشروع يخرج من الأدراج لتنفيذه بعد أن تضاعفت تكاليفه عشرة أمثال التكلفة في العطاء الأول, كما ضاع علي البلاد مليارات من الدولارات ثمنا للورق المستورد في هذه السنين دفعها المستهلك الغلبان.
أما المأساة الأخري فهي مشروع مترو الأنفاق الذي تقدم به الأستاذ الدكتور المهندس أحمد محرم منذ حوالي الخمسة عشر عاما فركن في الأدراج, وبعد أن أصبحت القاهرة مكدسة بالسيارات وحركة المرور متعثرة ومرتبكة نفذ خط واحد منه بتكلفة مليارات الدولارات والجنيهات المصرية, والتي كانت تكفي عندما قدم الدكتور محرم مشروعه, مد مترو الأنفاق بأكمله بشبكة خطوطه كاملة, فكم ضاع علي مصر من هذا التأخير البشع؟!!
منذ سنة 1981 وعندما بدأ الإرهابيون الاعتداء علي الأقباط فمرارا وتكرارا وأنا أكتب بخطورة هؤلاء الإرهابيين, وأنهم إذا كانت اعتداءاتهم علي الأقباط, ولكن الأقباط ما هم إلا بالونات اختبار للحكومة, وأن الهدف الرئيسي لهم هو الاستيلاء علي الحكم وأن الهدف الرئيسي لهم هو الاستيلاء علي الحكم وأن اعتداءاتهم بعد ذلك ستكون علي الأمن عامة والحكومة خاصة للوصول إلي قلب نظام الحكم والرجوع بالبلاد إلي العصور الوسطي, عصور التأخر, واستمر الحال علي ما هو عليه حتي السنوات من 1990 حين زاد الاعتداء علي الأقباط الجماعية في ديروط وصنبو وطما وغيرها من بلادالصعيد, وعندها صرخت طالبا من الحكومة سرعة التدخل وحماية الأقباط لأن الدور عليها قريبا, بل وحذرت الدول المجاورة التي تساعدهم وتمولهم بالمال والسلاح بأن الدور سيأتي عليها ولن تنجو من شر هؤلاء الإرهابيين, ولكن كل صراخي ذهب أدراج الريح ولم تحرك الحكومة ساكنا, والآن وقد بدأوا في الاعتداء علي السياحة كمصدر اقتصادي هام وعلي رجال الشرطة, ولكن بعد استفحال أمر هذه الجماعات, إذ أنتشرت أفكارهم السوداء بين اعداد كثيرة من الشباب تحت سيطرة تعاليم دينية خاطئة, ونظمت صفوفهم وتم تدريبهم سواء بأفغانستان أو في بعض الدول المجاورة, كما نظمت قياداتهم بالخارج والداخل وربطت بشبكة من وسائل الاتصالات الحديثة, لتمويلها بالداخل بالمال والسلاح والتخطيط لعملياتها, فأحتدمت المعركة بينها وبين رجال الأمن, وسقط مئات الشهداء من رجال الشرطة الأبطال الذين لا تقدر قيمتهم بالمليارات, كما خسرت السياحة المليارات من الدولارات وتعطل عشرات الآلاف من العمال والموظفين, فقد أصبح القضاء علي هذه الجماعات الإرهابية من الصعوبة بمكان, وستستمر المعركة لعدة سنوات قادمة, مما سيخرب تماما المشروعات السياحية ويزيد الضحايا من رجال الأمن والمدنيين, أليس هذا من أشد مساوئ التهاون والاستهتار البغيض التي أصابت البلاد في الصميم؟؟