أنطون سيدهم ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والسياسة الداخلية
عندما زلزلت الأرض زلزالها الشديد, كان أول ما تطرق إلي أذهاننا هو تأثيره علي البيوت القديمة الآيلة للسقوط والعمارات الحديثة التي بنيت مخالفة للرخص والمواصفات والأسس السليمة للبناء, وللأسف الشديد فقد تحقق خوفنا وانهار الكثير من المباني القديمة والحديثة التي شطحت إلي عنان السماء مخالفة لرخص التشييد, وقلة الذمة وفساد الأخلاق باستعمال مواد بناء فاسدة, لقد انهارت هذه المباني علي رؤوس ساكنيها المساكين فدفنتهم تحت ركامها.
لقد دميت قلوبنا أجمعين بقراءة حصر الضحايا فهم ما بين عائلات كاملة من الآباء والشباب والأطفال وبين بعض المنفردين لوجود باقي عائلاتهم في الخارج, إن قراءة هذه الأخبار المؤلمة جعلت الحزن والألم يسيطر علي نفوسنا ويشل تفكيرنا, فمن المفجع حقا أن تقرأ عن عائلات كاملة سيئة الحظ لم ينج منها أحد ودفنت تحت الأنقاض, إن تضاعف الخسائر البشرية سببه أن الكثيرين من الفقراء المدقعين الذين يعيشون علي رزق يوم بيوم قد رفضوا ترك منازلهم بالرغم من أنها آيلة للسقوط وأن الإدارات المختصة قد أنذرتهم مرارا وتكرارا بترك هذه المنازل وإخلائها, ولكن إلي أين يذهبون فقد ضاقت بهم الدنيا وليس أمامهم إلا هذه الأماكن المتهدمة للجوء تحت سقوفها. أما السكان الذين ضيقوا علي أنفسهم واقتصدوا كل ما يمكن اقتصاده من دخولهم, وأخيرا تجمع تحت أيديهم ما يمكنهم من شراء إحدي الوحدات السكنية لإيوائهم, فقد وقعوا فريسة في أيدي ملاك لا ذمة لهم ولا ضمير فملكوهم شققا مبنية بالغش ليتضاعف ربحهم, إن علي الدولة أن تحاسب وبكل قسوة الموظفين الذين أهملوا برقابة هذه المباني ومنع مخالفة الرخص المعطاة لهم, كما يجب معاقبة المهندسين الذين أشرفوا علي بناء هذه العمارات.
حقيقة لقد قامت الحكومة بجهد رائع في إسعاف هؤلاء المتضررين المساكين, كما قامت بإنشاء معسكرات الإيواء, وعملت علي تسكين الكثير منهم في شقق جاهزة, كما أسرعت بتجهيز الشقق التي لم تكتمل بعد- وأننا نأمل أن تصل في أقرب وقت لإسكان كامل للعائلات المتضررة حتي يجدوا سقفا يأويهم, وخصوصا أننا علي أبواب الشتاء القارس. كما قدمت الحكومة الكثير من المساعدات المالية وغيرها من مواد غذائية وأغطية لحمايتهم من البرد وتعمل جاهدة لمساعدتهم علي تحمل هذه المصيبة, أننا نهيب بالشعب المصري الشهم بمد أيديهم بمساعدة هذه العائلات بزيارتهم ومساعدتهم بكل ما تمكنهم به الظروف, وكذا التنبرع حتي تتمكن الحكومة من تعويضهم عن نكبتهم.
إن ما حدث لبعض المدارس من مسارعة المدرسين بالهروب تاركين تلاميذهم الصغار الأبرياء بدون تنظيم في الهروب مما أدي إلي وقوع العشرات من الضحايا, هؤلاء المدرسون الذين فقدوا الشهامة وتحمل المسئولية مما أدي إلي هذه الأحداث المؤلمة التي أفقدت الكثير من العائلات أولادهم وأدمت قلوبهم, هؤلاء المدرسون يجب محاكمتهم علي هذا التصرف المهين وغير المسئول ومعاقبتهم علي ما اقترفته أيديهم.
وأننا بكل نفوس حزينة نتقدم إلي هذه العائلات التي فقد بعضهم وعائلات التلاميذ الذين فقدوهم بسبب إهمال مدرسيهم, بخالص التعزيات القلبية والمشاركة في أحزانهم ملتمسين للضحايا من المولي عز وجل أن يكلأهم برحمته وراحته.