من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
+ شفقة الله علي الأرض, فيقول الكتاب: وست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها, وأما في السابعة فتريحها وتتركها ليأكل فقراء شعبك. وفضلتهم تأكلها وحوش البرية. كذلك تفعل بكرمك وزيتونك (خر23:10-11).
لأنه إن زرعت الأرض بصفة دائمة, فإن ثمرتها وإنتاجها وقوتها سوف تضعف, وأيضا لأنه في هذا العام سيخرج من الأرض بعض الأعشاب, التي يقتات منها الإنسان الفقير ووحوش البرية.
إن الرحمة والشفقة من الصفات العالية جدا, التي يتميز بها الإنسان ولكن للأسف الشديد قد يصاب قلب الإنسان بالقسوة, سواء كان ذلك في إطار الأسرة الصغيرة.. أو المجتمع.. أو الأوطان.. فنجد الحروب في كل مكان!! وهنا يتخلي الإنسان عن الرحمة التي في قلبه, بينما يعلمنا الكتاب قائلا: كونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم (لو6:36).
كيف ينال الإنسان شفقة الله ورحمته؟!
هناك ثلاث قنوات تساعد الإنسان, لكيما ينال رحمة الله وشفقته وهي: التوبة, والقدرة علي التسامح, وعمل الرحمة.
أولا: التوبة:
فالتوبة تجعل الله يسكب علي الإنسان كل البركات, وأيضا تفرح السماء فيقول الكتاب: أقول لكم: إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون إلي توبة (لو15:7).
فالتوبة هي التي تسكب رحمة الله علي الإنسان, ففي توبة الابن الضال, كان كل ما يتمناه في رجوعه, هو أن يكون أجيرا في بيت أبيه, ولكن ما حدث كان خلاف هذا, فقد قبله أبوه وتحنن عليه, كما قال الكتاب: فقال الأب لعبيده: أخرجوا الحلة الأولي وألبسوه, واجعلوا خاتما في يده, وحذاء في رجليه, وقدموا العجل المسمن واذبحوه فنأكل ونفرح (لو15:22-23).
إن توبة الابن الصادقة, هي التي جلبت كل هذه النعم والعطايا عليه, فيقول الكتاب: كما يترأف الأب علي البنين يترأف الرب علي خائفيه. لأنه يعرف جبلتنا. يذكر أننا تراب نحن (مز103:13-14), فتوبة الإنسان هي التي تجعل الله يتحنن عليه.
ثانيا: القدرة علي التسامح:
فهناك مشكلات قد تستمر لسنوات عديدة!! بينما إن كان لأحد الطرفين القدرة علي التسامح, لكان هذا الصراع قد انتهي سريعا, لذلك نصلي في الصلاة الربانية ونقول: واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا (مت6:12).
ويقول الكتاب: وإن لم تغفروا أنتم لا يغفر أبوكم الذي في السماوات أيضا زلاتكم (مر11:26), فعلم نفسك أيها الحبيب كيف تستطيع أن تسامح, وقد تبدو هذه الكلمة سهلة, ولكنها في الحقيقة هي غاية في الصعوبة!!
فكثير من الأشخاص ليس لديهم القدرة علي المسامحة!! ولكن إن تخيل أي إنسان, أن الله من الممكن أن يفعل معه ذلك, ولا ينسي له أخطاءه, ماذا ستكون مشاعره؟!! بالتأكيد سيكون شيئا مؤلما للغاية, لذلك حاول أن تسامح وتصفح, لتنسكب عليك رحمة الله وشفقته.
ثالثا: عمل الرحمة:
علم نفسك أيها الحبيب, أن تعمل دائما أعمال الرحمة وذلك بكل أشكالها, وضع أمامك هذه الآية التي تقول: كونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم (لو6:36).
فمثلا اجعل لك شفقة علي الإنسان الضعيف, فهناك من يتلذذ بإذلال الآخر وتعذيبه!! ولكن هذا يطيح بالإنسان بعيدا عن السماء, فكيف تطلب من الله أن يشفق عليك, وأنت لا تشفق علي أخيك الإنسان مهما كانت قرابته لك؟!! علم نفسك كيف تكون رحيما بالآخرين, سواء كان هذا الآخر زوجا.. أو زوجة.. أو ابنا.. أو جارا.. أو صديقا.. أو.. إلخ؟! لكي ما تتمتع برحمة الله.
فحاول أيها الحبيب, أن تبحث عن أية قساوة داخل قلبك, واعمل علي إزالتها, وصل دائما قائلا: أشكرك يارب لأنك أشفقت علي, وأعطيتني النعمة التي أستطيع بها أن أشفق علي الآخرين.