يُقسم أسبوع البصخة إلى نصفين من الناحية الطقسية، فأيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من البصخة يُطغي عليها سمة خاصة تختلف عن باقي الأيام الأُخرى في السنة الليتورچية، ففي هذه الأيام الثلاثة لا يُرفع بخور في الكنيسة، أما باقي أيام أسبوع البصخة بدأ من يوم الخميس والجمعة والسبت فهي تُعتبر بمثابة جزء من الإحتفالات الفصحية التي لمخلصنا الصالح ، حيث يبرز لكل يوم منهما وجهاً من أوجه سرّ الفصح الخلاصي حتى يُكلل بيوم عيد القيامة المجيد عيد فرح الخليقة الجديدة، ونجد ان الأيام الثلاثة الأولى من هذا الأسبوع تمثل معاً وحدة ليتورچية مشتركة تمثل الإحتفال بالألآم الخلاصية لشخص ربنا يسوع والتي صارت أيام تسبحة مجيدة يُرفع فيها الشكر من كل قلب تذوق بهجة الخلاص التي صنعها لنا الله القدوس الحي من بين الأموات.
اما عن أحداث يوم الأثنين الكبير من البَصخة المقدسة فهو يدور حول حدثين رئيسيين:
+ الحدث الأول : لعن الرب لشجرة التين غير المثمرة .
+ الحدث الثاني : تطهير الهيكل الذي دُنَّس بعبادات شكلية .
فخرج يسوع من بيت عنيا الواقعة على سفح جبل الزيتون الشرقي ، والتي اشتهرت بأنها وطن لعازر وأخته مريم ومرثا ، وهي على بعد خمسة عشر غلوة أي نحو 2700متر من أورشليم (يوحنا11: 18) قاصداً الهيكل ، لأنه كان يصرف نهار هذا الاسبوع في الهيكل ، وفي المساء كان يرجع إلى بيت عنيا ليبيت هُناك (لوقا21: 37، 38) .
الحدث الأول :
فخرج السيد المسيح له المجد من بيت عنيا متجها الي أورشليم وفى الطريق جاع ، وبالقرب من أورشليم رأى عن بعد شجرة تين مورقة ، ومن المعروف ان ظهور الأوراق لشجرة التين يصحبه ظهور الأثمار ، ولكن عندما تقدم السيد المسيح من الشجرة طالبا أن يأخذ منها ثمراً لم يجد ، فغضب عليها ولعنها ، والتينة هنا رمز للأمة اليهودية التى لها صورة التقوى ولكن بدون ثمار ، وهى أيضا مثال الشخص المرائى الذى يظهر على بصورة التقوىّ علي غير حقيقته ، وبمجرد أن لعنها السيد المسيح بدأت أوراقها تسقط علي الأرض .
(متى21: 12 – 19 ؛ مرقس11: 12 – 19)
أما عن الحدث الثاني :
ولما دخل الرب يسوع الهيكل ، إبتدأ يُخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل ، وقلب موائد الصيارفة ، وكراسي باعة الحمام ، ولم يدع أحداً يجتاز الهيكل بمتاع (مرقس11: 15، 16) ووجد السيد المسيح أن صراخ الباعة والمشترين وأصوات البهائم ورُعاتها في الهيكل تليق بمغارة لصوص ، يقسمون فيها المسروقات بالخصام ، ومن المعروف ظاهرياً أن هذه الأغنام والحمام يباعوا من أجل الخدمة وتقديم الذبائح بمعنى أن شكلها مشروع وضروري
ولكن قد كان قيافا وحماه حنانيا “بمساعدة رؤساء الكهنة” يؤجرون أروقة الهيكل للباعة وللصيارفة ، الذين كانوا يقومون بتغيير العملات المختلفة إلى العملة المقدسة التى تستعمل فى الهيكل وهى الشاقل ( وهى خالية من أى صور شخصية ) فنرى السيد المسيح الذى ذُكر عنه أنه لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته ، يثور ويطرد الباعة وقلب موائد الصيارفة صائحا فيهم : ” مكتوب أن بيتى بيت الصلاة يدعى ، وأنتم جعلتموه وكر لصوص ” . وهى آية وردت فى أشعياء 56 : 7 : ” لأن بيتى بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب ” – وكذلك فى ( أرميا 7 : 11 ) : ” هل صار هذا البيت الذى دعى بأسمى عليه مغارة لصوص فى أعينكم ” .
ولعل الضرر المادى الذى لحق بقيافا وحنانيا والكهنة من تصرف السيد المسيح مع الباعة بهذه الطريقة ، وكان ذلك الحدث من بين الأسباب التى دعت هؤلاء القوم إلى محاولة التخلص من السيد المسيح ، وتلفيق التهم الدينية له لمحاكمته .
وظل فى الهيكل طوال اليوم يعمل ويُعلمْ ، ولم يستطع الكهنة الأمساك به لإلتفاف الشعب حوله .
ثم خرج السيد المسيح وقضى ليلته فى بيت عنيا .