ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم, وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم. سالموا بعضكم بعضا. ونطلب إليكم أيها الإخوة: أنذروا الذين بلا ترتيب. شجعوا صغار النفوس, أسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع. انظروا أن لا يجازي أحد أحدا عن شر بشر, بل كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع. افرحوا كل حين. بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء, لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم. لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن. امتنعوا عن كل شبه شر
(الرسالة الأولي إلي تسالونيكي 5:12-22)
صلوا بلا انقطاع
الصلاة الدائمة غير المنقطعة هي مناداة اسم الرب يسوع بالشفاه وبالفكر وبالقلب, ويتم غرس هذه المناداة بترديد ياربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ.
الأنبا إيليا:
قيل عنه لمحبته للوحدة أقام في مكان خرب فأتاه الشياطين قائلين: اخرج من هذا المكان لأنه موضعنا فأجابهم الشيخ: أنتم لا مكان لكم, فبددوا عمل يديه من الخوص وقالوا له: اخرج من هنا, فقام وجمعه وجلس يضفر وهو صامت فبددوه له أيضا قائلين: اخرج من موضعنا, فقام أيضا وجمعه وجلس صامتا. ثم أن الشياطين أمسكوه بيده, وبدأوا يجرونه خارجا قائلين: لاتقم هنا لأنه موضعنا, فلما بلغ الباب أمسك الباب بيده وصرخ قائلا: ياربي يسوع المسيح إلهي أعني, وللوقت هربت عنه الشياطين. فابتدأ الشيخ يبكي, فجاءه صوت الرب.. لماذا تبكي؟ قال الشيخ: كيف لا أبكي وهؤلاء يتجاسرون هكذا علي محاربة خليقتك؟! فقال له الرب: إنك أنت الذي توانيت, وعندما طلبتني وجدتني.
+ صلاة يسوع تجعل الإنسان في حديث دائم مع الله, فبينما الإنسان بجسده مع الناس, يكون عقله وقلبه منشغلين بالله… وكل الذين مارسوا تلك الصلاة واستمروا فيها أصبحت عندهم حساسية نحو أقل خطية, خشية أن يفقدوا تلك العشرة مع السيد المسيح فجعلتهم أكثر التصاقا به.
السائح الروسي:
من أبرز الذين نقرأ عنهم في تطبيقهم لصلاة يسوع السائح الروسي, فالروس -كما قلنا- طبقوا هذا المنهج بأمانة وإخلاص حتي بلغوا فيه شأنا.
والسبب في أن هذا السائح طبق هذا المنهج, كانت هذه الآية التي هي محور تأملنا صلوا بلا انقطاع.
وكلمة سائح المقصود بها الدرجة العليا في الحياة الروحية أو الحياة الرهبانية المسيحية.
هذا السائح الروسي قرأ في الكتاب المقدس الآية التي تقول: إنه ينبغي أن يصلي كل حين ولا يمل, فنفذت هذه الكلمات عن كل ما عداها إلي أعماقه, وبدأ يفكر كيف يمكن أن يصلي بلا انقطاع وهو منشغل بمهام كثيرة, وهنا جال باحثا عن معني الصلاة كل حين, وبلا انقطاع, وكيف يمكنه أن يطبق هذه الآية؟!
هذا السائح البسيط جال كثيرا باحثا عن تطبيق عملي لوصية الصلاة كل حين, دله أحد الآباء بترديد عبارة: ياربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ.
وقال له: كرر صلاة يسوع 3000 مرة في اليوم أثناء قيامك وجلوسك ورقادك ومشيك وعملك وراحتك, وقلها بهدوء وبدون إسراع, ولا تحاول أن تنقص أو تزيد في العدد والله سيساعدك, وبتلك الطريقة تصل إلي صلاة القلب غير المنقطعة.
فقبل الأمر بسرور ومضي إلي كوخه, فوجد أن الأمر صعب في اليومين الأولين, ولكن وبعد ذلك سهل عليه بدرجة أنه كلما توقف شعر بما يدفعه إلي الاستمرار, وتعلم كيف يركز ذهنه وكيف لا يتشتت عقله إلي الأفكار الأخري.
يمكن للإنسان أن يفرد وقتا خلال يومه لكي ما يصلي فيه هذه الصلاة السهمية, وإن قدمت هذه الصلاة مصحوبة بالميطانيات يكون تأثيرها أقوي, فالإنسان يقول وهو منتصب: ياربي يسوع المسيح, مع رشم ذاته بعلامة الصليب, ثم يسجد إلي الأرض قائلا: ارحمني أنا الخاطئ.
وكأن في كل ميطانية يقول للرب بسجوده إلي الأرض: إن خطيئتي قد أوصلتني إلي أسفل, وإلي الأرض, ثم بقيامته مرة أخري للوقوف كأنه يقول للرب: إن فداءك وقيامتك قد أقامتني من الخطية.
ولكن لا مانع من ترديد هذه الصلاة والإنسان جالس كل حسب ظروفه الصحية, وهذه الصلاة الدائمة تحتاج إلي نوع من التدريب, وذلك بمشورة أب الاعتراف, وتحتاج أيضا إلي نوع من التركيز, ويمكن أن نصليها في ضوء خافت (علي ضوء شمعة) والبعد عن أجهزة الكهرباء.
قد تتعثر في بداية التدريب علي ممارسة هذه الصلاة, ولكن مع الجهاد والاستمرار سيمتلئ قلبك فرحا, وأمنا العذراء مريم وصفها ملاك البشارة بأنها الممتلئة نعمة وقد نالت هذه النعمة من جهادها في الصلاة.
ومن مميزات هذه الصلاة أنها لا تحتاج إلي أي نوع من التعليم أو الدراسة, ويقول أحد الآباء: ليس هناك فضيلة من الفضائل تشبه فضيلة مداومة الصلاة والتضرع, باسم ربنا يسوع المسيح في كل وقت.
ويمكن أن تصلي هذه الصلاة بصوت خافت يمكنك أن تسمعه, وذلك إن كنت في معزل عن الناس, أما إن كنت في وسط الناس فيمكنك أن تصليها بقلبك فقط كما يقول الكتاب: أنا نائمة وقلبي مستيقظ (نش5:2).
وستجد أن نبضات قلبك, وحركات التنفس تتمشي مع مقاطع الصلاة ياربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ.
فوائد الصلاة الدائمة:
1- الامتلاء من الفرح الدائم
بتكرار صلاة يسوع ستجد في داخلك فرحا, ولكن ليس كفرح العالم, بل فرح روحاني داخلي يستمر معك دائملا.
2- الانحلال من رباطات العالم:
وأيضا بممارسة الصلاة ستجد نفسك تتخلي عن بعض الأمور المادية التي كنت متمسكا بها, مثل الارتباط بالتليفزيون أو النت, أو الخروج مع الأصدقاء ومع المداومة علي الصلاة تقل هذه العادات بالتدريج, ومع الوقت تنحل من رباطات هذا العالم, ولا يكون لها وجود في حياتك, ولا تمثل لك أي أهمية.
3- ممارسة وسائط النعمة:
الصلاة الدائمة تساعدك أيضا علي ممارسة وسائط النعمة بأكثر سهولة وراحة, فستجد الصوم سهلا ولذيذا وممارسة سر الاعتراف والتوبة والتناول معزيا, وستجد نفسك مشتاقا إلي ممارسة هذه الأسرار.
فضيلة الصلاة الدائمة يمكن تسميتها فضيلة ترك القلب عند الله, فاترك قلبك عند مسيحك, واسأل نفسك في كل يوم: ما المساحة التي أعطيتها من قلبك لمسيحك اليوم؟ أم أن قلبك مشغول بكل شيء إلا المسيح؟