من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
ثالثا: المعونة في الضيقات:
ونحتاج أيضا للمعونة الإلهية في وقت الضيقات, فأي إنسان في هذه الحياة يتعرض لضيقات كثيرة, قد تكون كبيرة أو صغيرة, لكن ما يجب أن نعلمه جيدا أن كل ضيقة هي لخير الإنسان, كما يقول الكتاب: احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة (يع1:2), ففي كل تجربة تمر علي الإنسان, يتمجد الله ويشعر الإنسان بالمعونة الإلهية عندما يجد يد الله تعمل.
فمثلا المعونة الإلهية تساعد الإنسان في وقت المرض, فأحيانا يقول الأطباء عن حالة ما, أنه يوجد تطور في هذه الحالة, ولكن لا يخضع هذا التطور لكتب الطب!! وهذا ما نعبر عنه بلغتنا البسيطة: أنه معجزة!! وقصص تدخل الله بنعمته ومعونته في حال المرض كثيرة جدا.
رابعا: المعونة في الخدمة:
ونحتاج المعونة الإلهية أيضا في الخدمة, فالخادم إمكانياته محدودة جدا, ولا يوجد خادم يستطيع أن يقول المثل المشهور يا أرض انهدي ما عليك أدي!! بمعني أن الخدمة لن تستمر في حال عدم وجوده!!
لذلك من المهم أن نتعلم أهمية عملية التغيير, والطبيعة تعلمنا هذا, فمثلا: الشجرة يتغير حالها في الفصول المختلفة, ففي فصل الخريف تتساقط أوراقها, وفي فصل الشتاء تجف, وفي فصل الربيع تزهر مرة أخري, وفي فصل الصيف تخرج أثمارها, وهكذا..
فالمعونة الإلهية تستطيع أن تعمل مع كل إنسان, فمثلا النعمة الإلهية هي التي غيرت بولس الرسول وحولته من شاول المضطهد للكنيسة, والذي اسمه كان يرعب المسيحيين!! إلي بولس الرسول أعظم كارز.
إن بولس لم يكتف بمطاردة المسيحيين في أورشليم فقط, بل تتبعهم بعد هروبهم, كما قال الكتاب: أما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا علي تلاميذ الرب, فتقدم إلي رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلي دمشق, إلي الجماعات, حتي إذا وجد أناسا من الطريق, رجالا أو نساء, يسوقهم موثقين إلي أورشليم (أع9:1-2). ولكن في أحد الأيام وهو في الطريق اصطادته النعمة الإلهية, فقال: يارب, ماذا تريد أن أفعل؟ (أع9:6), إن القديس بولس الرسول عرف المسيح في النصف الثاني من حياته, لكن في النصف الأول من حياته كان يضطهد كنيسة الله بإفراط, كما ذكر في رسائله: كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها (غل1:13).
أما في النصف الثاني من حياته, فكان يكرز باسم الرب باتساع, لدرجة أنه سمي عملاق الكرازة, وقد تعرض لأخطار وضيقات كثيرة جدا, وخدم وبذل بما يفوق الوصف, إلي جانب أنه كتب لنا 14 رسالة في الكتاب المقدس, لقد كان القديس بولس أداة للاضطهاد, وبالمعونة والنعمة, صار أداة للكرازة والخدمة.
فبولس الرسول نموذج لباقي الرسل, فمثلا مارمرقس الرسول عندما أتي إلي مصر لم يكن يمتلك أي شيء!! فلم يكن لديه مال أو أي إمكانيات أو وسائل مواصلات, لكن اعتمادا علي المعونة الإلهية جاء إلي مصر وبشر, وانتشر الإيمان بالمسيح في كل مكان.
ويقول الكتاب: الروح أيضا يعين ضعفاتنا (رو8:26), بمعني أن المعونة الإلهية تعين ضعف الإنسان, فتذكر دائما أن يد الله تعمل, فأحيانا يظن الإنسان أن الله في السماء, والإنسان هنا علي أرض الشقاء. وأحيانا أخري يظن آخر أن الله قد نساه!! وهذا الفكر قد وقع فيه داود النبي حين قال: إلي متي يارب تنساني كل النسيان؟ إلي متي تحجب وجهك عني؟ (مز13:1).
فتذكر دائما العبارة التي تقول: ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية, ليكون فضل القوة لله لا منا (2كو4:7), والمقصود بهذا الكنز هو المعونة الإلهية, أما الأواني الخزفية فهي أجسادنا, فالإنسان مثل الإناء الزجاجي يتعب من أقل الأشياء.
فالإنسان ضعيف جدا, لكن بداخله (الكنز) يد الله التي تعمل والمعونة التي تعمل في ضعفه, فيكون فضل القوة لله لا منا, وكما أن الله يعين الإنسان, فنحن أيضا نحتاج معونة بعضنا إلي بعض, فالله يسرع بإعانة الإنسان من خلال الإنسان.