سفر الرؤيا واحد من الأسفار التي ثار حولها آراء كثيرة وتفسيرات عديدة, ولكنه واحد من الأسفار الروحية العميقة, التي كتبها لنا يوحنا عن رؤيا حقيقية فيها يشرح الروح القدس ماهية العالم الروحي بصورة رمزية فهو يحول المعاني الروحية غير المنظورة إلي صور منظورة, تماما كما فعل المسيح في أمثاله. هنا في هذه المقالة أكتب عن واحد من الكنائس التي ذكرها يوحنا وهي فيلادلفيا, فقد كانت كنيسة فقيرة ولديها قوة يسيرة سواء ماديا أو إعلاميا, سلطة ونفوذا.
يبدأ الرب يسوع في حديثه إلي الكنيسة بالتعريف عن نفسه فيقول هذا يقوله القدوس الحق, الذي له مفتاح داود ذاكرا ثلاث صفات, وهي أنه هو الإله القدوس العظيم الكامل في كل شيء في صلاحه ومحبته, في حنانه وقدرته, في معرفته وفهمه. وأيضا هو الحق المطلق لذلك قال عن نفسه أنا هو.. الحق هو الحقيقة التي يبحث الناس عنها هو إجابة لكل سؤال وهو المعيار الصحيح للأخلاق. وأيضا له مفتاح داود فهو الملك الذي له السلطان فقد قالها لتلاميذه دفع إلي كل سلطان في السماء وعلي الأرض. يكمل يوحنا الرائي بثلاث بركات أولها هئنذا قد جعلت أمامك بابا مفتوحا ومن هذه الأبواب المفتوحة هو باب الدخول إلي حضور الله ومجده فلنتقدم بثقة إلي عرش النعمة لننال رحمة نجد نعمة عونا في حينه لأن القدير نفسه قد فتحه بجسده علي الصليب ليست كثرة الصلوات والابتهالات ولا حتي الآهات والدموع وإنما هو نفسه قد فتح ذلك الباب علي مصراعيه لأنه عالم بضعفنا وقوتنا اليسيرة, أما الباب الثاني فهو باب التأثير والشهادة فقد ذكر لنا أغناطيوس – العصر الرسولي الأول – في رسالته قبيل استشهاده عن خدمة وتأثير كنيسة فيلادلفيا وهذا عكس ما يريده إبليس أن يظل شعب الكنيسة داخل جدرانها محبوسا خوفا من تهديدات العالم كالإرهاب في أيامنا الحالية ولكن وعده لنا أن أبواب الجحيم ستفتح حتما أمام الكنيسة ولن تعاند أمام قوتها أبدا. ثانيها هي هئنذا أصيرهم يأتون ويسجدون قد يجتمع أناس حولنا باسم الدين صائحين أن يتمموا مقاصد الله ولكنهم ينجزون مقاصد عدو الخير مجمع الشيطان, ولكن القدير يجعلهم يأتون ويسجدون أمام رجلي كنيسته ويعرفون أنه قد أحبها.. لا تخافي يا كنيسة من المقاومة ولا تهتزي أمامها لا ترتخي يديك فالنصرة لك. أما البركة الثالثة فهي سأحفظك من ساعة التجربة, وهنا يتكلم بروح النبوة عن هزة عالمية ستحدث يوما في العالم كله اقتصاديا أو ربما سياسيا أو صحيا ولكن وعد القدير أنه سيحفظ كنيسته إبان ذلك الوقت. ويكشف الروح القدس لنا لماذا يشجع كنيسة فيلادلفيا هذا التشجيع فيقول أسباب ثلاث فهي قد حفظت كلمته, عاشتها وطبقتها فالذي يحبه يحفظ وصاياه. لم تنكر اسمه رغم الاضطهاد العنيف التي مرت به فحافظت علي إيمانها وثقتها في القدير. حفظت كلمة صبره وهنا يعني أنها قد صبرت وانتظرت, فمواعيد الله العظيمة تعتمد علي طاعتنا وعلي إيماننا.