تكلم الرب يسوع عن الحصاد في مناسبتين ومن زاويتين ففي المناسبة الأولي حينما أرسل تلاميذه وسبعين آخرين إلي كل موضع ومكان كان هو مزمع أن يذهب إليه فقال لهم:أن الحصاد كثير,ولكن الفعلة قليلون.فأطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلي حصاده(لوقا10:2).
ومن هذه الزاوية يعلمنا الرب يسوع أن مشكلة الحصاد ليست في النفوس البعيدة الضالة التي تحتاج إلي التوبة والرجوع إلي مصدر الحياة فهؤلاء كثر ويملئون شوارعنا وأزقتنا بل المشكلة الرئيسية هي في الفعلة القليلين والخدام الحقيقيين الذين يمتلئ قلبهم بالحب للسيد والشوق لخدمته والرغبة في استعلان مجده.وكان الحل الذي يقدمه الرب يسوع هو السؤال والطلب من رب الحصاد أن يرسل هؤلاء الفعلة الحقيقيين لكي يذهبوا قبله إلي كل مكان هو ينوي أن يزوره ويفتقده ليحصدوا حصاده وهكذا يتكلم الله علي بلادنا الذي هو مزمع أن يزورها.أما المناسبة الثانية التي تكلم فيها عن الحصاد فهي بعد أن أنهي حديثه مع السامرية التي دعت المدينة بكاملها أن يأتوا وينظروا المسيح وبالفعل كان حصادا وفيرا غزيرا لم يكن متوقعا من تلاميذه وتابعيه فقال لهمأما تقولون أن يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد؟ها أنا أقول لكم:ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول لإنها قد ابيضت للحصاد(يوحنا4:35, 36).
ومن هذه الزاوية يدعوهم الرب يسوع ويدعونا ألا نحكم بحسب مانراه بعيوننا البشرية فهكذا ظنوا أن هذه المرأة السامرية وقريتها بعيدة كل البعد عن الحصاد ولكن العكس كان هو الصحيح فهي في نظر يسوع الأقرب إلي الخلاص وقد حان وقتها بالفعل.
وكان الحل الذي يقدمه يسوع هنا هو أن نرفع عيوننا لنري كما يري هو.وهكذا في مصرنا الغالية فقد حان وقت حصادها فهي أقرب إلي خلاصها من أي وقت مضي نحن نري تعاملات الله الواضحة والجلية والتي تبرهن أننا في زمن الافتقاد التصاعدي فحصاد كل سنة يفوق حصاد ما قبلها ففي كل مدينة نذهب إليها نجد مئات الآلاف مستعدين لقبول المسيح ربا وسيدا,ولعله من الأسباب التي تعجل بالحصاد الغزير في بلادنا هو ما يعانيه مجتمعنا من الضيق الاقتصادي والاجتماعي أيضا ذلك الإرهاب الأسود الذي يضرب مصرنا الغالية ويصيب الكثيرين من المسيحيين المؤمنين والذين عادة ما يكون رد فعلهم تسامحا ومحبة وغفرانا للقتلة الإرهابيين مما يذهل المحيطين والذي يدفعهم إلي السؤال عن سبب الرجاء والحب الذي فيهم لقد استنارت عيون الكثيرين وبدأت الحقيقة تنكشف فالتدين سواء المسيحي أو غيره لايغير ما بداخل الإنسان من فساد وشر فبحسب الإحصائيات العالمية فمصر الأكثر دخولا للمواقع الإباحية رغم التدين الفج الذي نعيشه.فالله وحده هو الذي يغير القلوب ليست الطقوس الدينية ولا الوصايا قادرة أن تحول القلوب وتغيرها بل علي العكس فهي تخدعه لتقنعه أنه بمقدوره أن يعيش مستغنيا عن إلهه معتمدا علي قوة شخصيته ولكنها في حقيقتها تزيده شرا وفسادا.عزيزي القارئ إن كنت تمر وسط معاناة شديدة اطلب الله ارجع إليه,سلم قلبك لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب.
أما إذا كنت تحيا في رفقة السيد فارفع عينيك لتري الحصاد ولنشترك معا في جمعه إلي حضن الآب السماوي ليفرح به ولنفرح نحن أيضا به.
القس سامح موريس -راعي كنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية