الناس صنفان:موتي في حياتهم والآخرون ببطن الأرض أحياء,هكذا كتب أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء الزعيم النبيل محمد فريد الذي وافته المنية في أوربا فقيرا ومناضلا ضد المرض وضد المحتلين في الوقت الذي كان فيه قادة الحزب الوطني يتنكرون له…ولست أدري لماذا تذكرت هذا المقطع حينما بلغني خبر رحيل المفكر د.محمد السيد سعيد,وكيف إنهالت تعزيات ومقالات رجال الدولة وأهراماتها تتحدث عن عبقرية الفقيد رغم أنه كان يعالج علي نفقة الدولة الفرنسية!!
ومن فرط دموع التماسيح تذكرت أيضا قصة الإعرابي الذي شاهد صديقه يحتضر في الصحراء من الجوع والعطش…فجلس بجواره يبكي عليه…وفي لحظات الاحتضار لمست يد المحتضر الكيس المجاور لصديقه…وتساءل:ماذا في هذا الكيس؟
فرد الصديق:طعام وماء!
فطلب المحتضر شربة ماء وكسرة خبز
فرد الصديق باكيا:مابيننا هو أن أبكي عليك فقط!
كان محمد السيد السعيد لديه حس نبوي…فغاب عن البديل قبل أن تغرب شمس البديل…وترك مركز الأهرام للدراسات قبل أن يتركه المركز…ورحل عن عالمنا قبل أن يرث الأرض ومن عليها المحتلون الجدد.
رحل ولن يكون أبدا في مقاعد الغياب…كما عاش محمد فريد رغم اندثار الحزب الوطني…لأنك يا محمد من الصنف الذي لا يموت…ولأنك باق في ضمير شعبك رمزا ورائدا…وستظل أبد الدهر تعيش فينا.