تشهد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية نهضة سياسية وديموقراطية لم تشهدها من قبل طوال العقود الثلاثة الماضية من عمرها وعمر الوطن, لمست تلك النعمة حينما وجهت لي دعوة كريمة من القمص ويصا القمص جرجس والقس مينا زكي والناشط السياسي مينا منسي للتحدث في ندوة عن الأحداث الراهنة بكنيسة الأنبا شنودة بالقباري بالإسكندرية الجمعة الماضية.
حظيت بنعمة مماثلة حينما تمت دعوتي للتحدث بكنيسة العذراء بجناكليس بالإسكندرية الأربعاء الماضي من القس يوحنا مجدي والقس لوقا عبدالمسيح والصحفية الواعدة مريان عيسي, وفي الدعوتين كان نسيم الثورة يمتزج بعبق روحانية الأنبا شنودة والسيدة العذراء, في حضرة الأنبا شنودة تفاعل الحضور النسوي الوطني وانصبت أسئلتهن عن الحرية وحقوق النساء, وعلي الجانب الآخر تركزت تساؤلات الشباب حول الدستور وحقوق الأقباط.
في حضرة السيدة العذراء بكنيستها اتسع صدر الآباء الكهنة لاستيعاب الشباب, وتجسد ذلك حينما وزع الشباب استطلاع رأي تدور أسئلته حول المشاركة السياسية ودور الكنيسة في الثورة ومستقبل الوطن أعدته الزميلة ماريان عيسي, أما عن تساؤلات الحضور فقد لاحظت أن أغلبية الأسئلة كانت حول هموم الوطن أكثر من هموم الأقباط, وعلي الجانب النسوي برزت أسئلة حول إمكانية ترشح النساء في المجالس الشعبية والتشريعية بل ولرئاسة الدولة, لم يتدخل الآباء الكهنة في إعطاء الكلمات أو الرد عليها, مما يجسد الروح الديموقراطية الجديدة التي بدأت بعد الثورة بين الشعب والإكليروس, ويعود بالكنيسة إلي سابق عهدها حينما كانت الديموقراطية والوطن معا يشكلان السر الثامن من أسرارها.
تحية لتلك الكنيسة العتيدة التي يسمح مخزونها الروحي والحضاري والوطني أن تكون منارة حقيقية, وتدرك ما فاتها شعبا وإكليروسا.