مبروك واحدة لا تكفي, فمليون مبروك لميرنا منير صدقي حنا, الطالبة الأولي في الثانوية العامة للمكفوفين, الوردة التي نبتت في أرض الشدائد, لتطرح ثمار التفوق, مازال لوالديها نصيب في الفرحة التي غادرت بيتهما منذ 14 عاما, فالحياة في مجملها ليست عادلة, لذلك حينما تدير وجهها المشرق لأحد المظلومين ولو مرة واحدة ننتشي جميعا وكأن الإنصاف لم يغب عنا.
أقول هذا بعد أن استأذنت والدة ميرنا التي أبلغتني بخبر تفوقها, فوالدتها هي ناهد- اسم مستعار- التي كتبنا عنها ثلاث مرات سابقا, بخصوص قصة معاناتها وإصرارها علي تعليم بناتها أفضل تعليم رغم ظروفها وظروف مرضها وإصابتها بانزلاق غضروفي حينها كتبنا أن ناهد معلقة علي صليب التجارب وأول تجربة بدأت بولادة ابنتها الوسطي بنصف بصر, عين واحدة كان الحديث هنا عن ميرنا ولم نكن في حل من ذكر الأسماء حينها.
ولدت ميرنا بنصف بصر, وترتيبها الوسطي بين اختين مع الوقت تضاءل بصرها في العين الأخري, وهكذا التحقت بمدرسة النور والأمل للبنات, اضطرت والدتها لإجراء جراحة زراعة عدسة حتي تتمتع ميرنا بالشكل الطبيعي للعين, لكن هذا لن يعيد إليها البصر, انتهت صلاحية هذه العدسة منذ شهور.
لم تيأس ميرنا ولم تحبط من الظروف ولا من المعاناة وفي نفس الوقت الذي تحتاج فيه لزراعة العدسة, كان لابد من إجراء جراحة دقيقة لوالدتها التي تعيل الأسرة كلها, إذ أنها أصيبت في عامودها الفقري ليس بسبب العمل الشاق, وإنما لأنها منذ سنوات طويلة تقوم بحمل زوجها بمفردها لأنها المسئول الوحيد عن الأسرة, فالزوج مصاب بشلل تام, ناتج عن جلطة في المخ منذ عام .2007
أربعة عشر عاما لا يقوي علي الحركة بمفرده ولا علي الحياة في مجملها كانت ناهد خلال تلك الأعوام هي الأب والأم ومرت السنون وناهد معلقة علي صليب المسئولية,وميرنا واختاها فتيات صغيرات خففت كأس المر بالرضا والعمل, هكذا عاشت لياليها تستقي الصبر والقوة من الأمل في مستقبل الفتيات الثلاث, وحينما اشتد عليها المرض شخص الله لها أطباء غاية في البراعة فأجرت الجراحة بسلام والآن تقضي فترة النقاهة.
وسط أجواء البذل والتضحيات التي رويناها نبتت الورود وترعرعت ميرنا لتقدم تفوقها عبيرا خالصا لوالديها وتسعدهما بعد طول عناء بعد أن استطاعت الحصول علي 397.5 درجة من أصل .410