الفاشية الدينية لا تحكم سياسيا لكنها تحكم مجتمعيا, عبر ترسانة قوانين تحدث عن جرائم لها علاقة بالقيم والتقاليد, غالبا ما تنحاز لأفكار قادمة إلينا من جوف التطرف, تضرب حتي النخاع في اعتدالنا, وحرياتنا, وبساطة فطرتنا, تنحاز لذكورة المجتمع, هذا هو ما لفت نظري خلال الأسابيع الماضية بداية باخبار إلقاء الأجهزة الأمنية, القبض علي عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج التيك توك اليوتيوب وصولا إلي وقائع تحرش تصل لمائة واقعة منسوبة لشخص واحد يحميه الخوف من المجتمع.
وهنا لا تعنيني واقعة فردية بعينها, ولا أسما بعينه, وإنما ما يعنيني, هو ظاهرة البلاغات ضد فتيات, وسيدات, لم يخبئن وجوههن ولا استترن خلف لوحة مفاتيح, بل كن ظاهرات بشخصياتهن الحقيقية, هل هذا هو المجتمع الذي كنا نحل به؟ مجتمع الوصاية والجلاد الداخلي, كرباج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فإذا أدينت المرأة لأنها تثير الغرائز فلماذا تعاقبوها منفردة, عاقبوا كل من شاهد وتفاعل وشجع من الرجال إن استطعتم, أم أن الرجل مجرد مفعول به, لا عقل ولا إرادة له؟
ابحثوا عنم انتماءات مقدمي البلاغات لأنهم يسعون لتنقيب المجتمع, عبر شخوص ضعفاء, باسم المصلحة العامة, فهل المصلحة العامة لم تتطلع, علي عروض بيوت الأزياء التي تشمل العاري والسواريه, وما يبرز مفاتن العارضات, أم أن هؤلاء لم يبلغ عنهن أحد حتي الآن وتنتظرون الدور؟ هل المصلحة العامة حددت لنا ما يجب أن يتعري وما يجب أن تغطيه النساء؟ وهل يستطيع أحدهم أن يفعل ذلك مع اجنبيات مقيمات في مصر؟ تمارسن حرياتهن في الملبس والعيش؟ هل تستطيع مواد القانون تطبيق ذلك علي اعلانات السياحة في شرم الشيخ والغردقة؟ وعلي عدسات المصورين فوق شواطئها؟ وصفحات المصطافين التي تنشر صورهم, هل المصلحة العامة ستحدد لنا ما هي الحركات التي تثير الغرائز والحركات التي لا تثيرها؟ وهل كل الغرائز تخضع لوسيلة إثارة واحدة؟ وكيف يحكم القانون علي حركات معينة إنها مثيرة من عدمه؟ هناك نساء يحملن أنوثة طاغية خلقهن الله هكذا, ولا ذنب لهن في ذلك, هل يجب دعوتهن للنقاب مثلا؟ماذا يريد المجتمع من المرأة؟ إما التهامها أو سجنها أو تشويههابعد الإنقضاض عليها؟
أين القانون من الرجال الذين يقومون بتشويه النساء والفتيات وابتزازهن, أين من يحمي المجتمع ممن يجولون فيه بأمراضهم النفسية وغرائزهم, التي ابدا لن ترتوي يجب تنقية التشويعات لأنها تحمل جملا فضفاضة, لم تظهر في مجتمع خمسينيات وستينيات القرن الماضي, حينما كانت النساء ترتدي الـميني جيب ولا أحد يجرؤ علي لمس إحداهن أو سجنها بالقانون لأنها بالنسبة له كشفت ذراعا أو ساقا, فألهبت ذكورته الرابضة عند أي قطعة لحم عارية؟ ولتعدموا كل الأفلام العربية القديمة لإراحة أصحاب الغرائز إن كانت تشريعاتكم تعترف ببلاغاتهم.
تذكير العريزة وتأنيث الغواية وتحميل المرأة للجرم, يدفعني للتساؤل, هل سمعنا مرة عن مقاضاة لاعبي كمال الأجسام, الذين ينشرون صورهم عراة إلا من اليسير, أو اتهمتهم النساء بعرض عضلاتهم لإثارة عرائزهن وإسالة لعبا الفتيات الصغيرات عزيزي القارئ لا تندهش من هذا الكلام, لأن الغزيزة تسكن الجميع الرجل والمرأة لكن في مجتمعنا يتم توظيف القانون لصالح المجتمع الذكوري؟ عزيزي الذكر إذا كنت تنسب كل إثارة لفتاة أو إمرأة فيكفيك من الخيبة سترها, أما أن تحتمي في قانون يمنحكم ما تستقوي به علي بنات حواء فهذه خيبتنا نحن.
hanan.fkry@hahoo,com