من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
في معجزة مريض بيت حسدا, الذي كان مطروحا علي البركة 38 عاما, في حالة ميئوس منها حيث إن عضلات جسده كانت قد يبست وأصبحت عاجزة عن الحركة !! إلا أن السيد المسيح عندما رآه علي هذا الحال قال له: أتريد أن تبرأ؟ (يو5:6), وهذه هي الإرادة.. فقال له المريض: ليس لي إنسان يلقيني في البركة متي تحرك الماء. بل بينما أنا آت, ينزل قدامي آخر (يو5:7), وهنا عضده الرب فقال له: قم. احمل سريرك وامش (يو5:8)!!
وهنا لم يأمره الرب بالقيام فقط, لكنه أيضا أمره بحمل سريره!! وهذا يعني أنه قام بصحة كاملة وجيدة, حيث إنه تمكن من حمل فراشه والسير به!! وهناك معجزات كثيرة صنعها السيد المسيح مع فئات المرضي, حيث كان عضدا لهم.
وأحيانا يكون التعضيد في احتمال صليب المرض, فقد يصاب إنسان ما بمرض يستمر معه لمدة طويلة, وهنا يحتاج إلي يد الله التي تعضده وتعزيه, لذلك عند زيارة مثل هذا المريض, تشعر بيد الله التي تعضده وتملأه بالرجاء, حتي إننا نتعجب من إيمان بعض المرضي!! فالله يعضد الضعفاء جسديا ونفسيا.
وأتذكر أنني في إحدي المرات ذهبت لزيارة فتاة مريضة بمرض صعب الشفاء, حيث كان عمرها قد قارب علي الانتهاء, وكان عمر هذه الفتاة 26 عاما, وكانت تعمل في التمريض بالجيش بدرجة نقيب!! ودار بيننا حوار لطيف, وفي النهاية سألتها عما تقرأ؟!! فأجابت بالتأكيد أقرأ في سفر الرؤيا, لكي ما أستعد للأبدية, وبالفعل بعد 11 يوما سافرت هذه الفتاة إلي السماء..
وأنا لا أنسي ابتسامتها ورجاءها, حتي في قراءتها لسفر الرؤيا كانت تقرأه باستمتاع, فقد قامت برسم كروكي لكل أحداث ورؤي هذا السفر, وكانت جميع هذه الرسومات مليئة بالفرح والرجاء, وتبين مدي تعضيد الله لها في مرضها.
ثانيا:- الفئات الضعيفة اجتماعيا
في كل مجتمع يوجد طائفة من المستضعفين.. والمهمشين.. والذين لا صوت لهم.. والذين يعيشون علي هامش الحياة.. ولكن أخطر الفئات المستضعفة اجتماعيا, هي فئات اليتامي والأرامل, ولذلك قال الله عن نفسه أبو اليتامي وقاضي الأرامل, كما يعلمنا الكتاب: الرب يحفظ الغرباء. يعضد اليتيم والأرملة (مز146:9)
قديما, لم يكن هناك قوانين التأمينات والمعاشات, والوحدات الصحية وبيوت ضيافة الأطفال, لكن كان يوجد الله الذي يعمل وما زال يعمل حتي الآن, وبالرغم من الانتشار الواسع للعمل الاجتماعي في خدمة اليتامي والأرامل, إلا أنهم مازالوا من الفئات المستضعفة علي مستوي أي مجتمع, ويحتاجون دائما إلي الأمانة في الرعاية.
ونذكر هنا مثالا من العهد القديم, وهو أرملة صرفة صيدا وكيف عضدها الله في المجاعة, وأعطاها أيضا بركة خدمة إيليا النبي!! فهذه الأرملة لم يكن لديها سوي كمية قليلة من الزيت والدقيق!! ولكنها بالأمانة وبالقليل الذي لديها, عضدها الله وحفظها في أيام المجاعة هي وابنها, إلي جانب بركة خدمة نبي الله إيليا!! وكما قال الكتاب: لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: إن كوار الدقيق لا يفرغ, وكوز الزيت لا ينقص, إلي اليوم الذي فيه يعطي الرب مطرا علي وجه الأرض (1مل17:14), وهذه القصة تعطي لنا مثالا بسيطا عن كيف أن هذه الأرملة أو هذا اليتيم, من الممكن أن يكون له علاقة قوية بالله, وأن الله من خلال أمانتهم يستطيع أن يخدم أشخاصا كثيرين.
أما في العهد الجديد فنذكر علي سبيل المثال: قصة أرملة نايين, فهي أرملة وحيدة ليس لها سند أو دخل, ولديها ابن وحيد, وضعت فيه كل رجائها ومستقبلها وحاضرها, وكأن هذه الأرملة وابنها يعيشان بقلب واحد!! ولكن الله سمح بتجربة قاسية لهذه الأرملة, وهي أن وحيدها يموت!!
وهنا تحنن الله عليها ولم يتركها لحزنها, فيقول الكتاب: فلما رآها الرب تحنن عليها, وقال لها: لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش, فوقف الحاملون. فقال: أيها الشاب, لك أقول: قم!. فجلس الميت وابتدأ يتكلم, فدفعه إلي أمه (لو7:13-15).
فاعلم أيها الحبيب, أنه لا تستطيع الكلمات البشرية, أن تعضد إنسانا حزينا.. أو متألما.. أو مجروحا.. أو في تجربة ما.. إلخ, لكن الله وحده هو من يستطيع تعضيد الإنسان, وذلك من خلال آيات وعبارات الكتاب المقدس, ولذلك نوصي دائما أي إنسان يتعرض لتجربة, أن يستلهم تعزيته من كلمات الكتاب وقصصه وأحداثه, وكلمات سفر المزامير تساعد كثيرا في هذه التعزية.