من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
سادسا:- الله يقبل عبارات الصلاة القصيرة
فقبل اللص اليمين وهو علي عود الصليب, حينما صرخ قائلا هذه العبارة الصغيرة: اذكرني يارب متي جئت في ملكوتك (لو23:42). ويقبل منا صلواتنا اليومية القصيرة مثل: ياربي يسوع المسيح, ارحمني أنا الخاطئ, واللهم التفت إلي معونتي, يارب أسرع وأعني, وغيرها من الصلوات القصيرة, وأيضا يقبل منا عبارة كيرياليسون التي نكررها كثيرا في صلواتنا.
فكل هذه العبارات القصيرة والصلوات الكثيرة يقبلها الله ويقبل قائلها كما فعل مع اللص اليمين, فالله يقبلنا ويقبل كل أعمالنا الصغيرة, كما يقول الكتاب: تعالوا يا مباركي أبي, رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. لأني جعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني. عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلي (مت25:34-36).
كيف ينال الإنسان القبول من الله؟
أولا:- اجعل إيمانك مقترنا بأعمالك:
فلا تجعل إيمانك إيمانا صامتا أو أخرس, فعبر عن إيمانك بأعمالك, كما يقول القديس بولس الرسول: الإيمان العامل بالمحبة (غل5:6), بمعني أن الإيمان الموجود داخل القلب, يجب أن يترجم إلي أعمال محبة.
يقول الكتاب: ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه (عب11:6), فاجعل إيمانك دائما مقترنا بالأعمال, لأن الإيمان بدون أعمال ميت, كما يقول معلمنا يعقوب الرسول: ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد إن له إيمانا ولكن ليس له أعمال؟ هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟… هكذا الإيمان أيضا, إن لم يكن له أعمال, ميت في ذاته (يع2:14-17).
فمثلا في مثل العذاري الحكيمات والجاهلات, نجد أنهن تشابهن في كل شيء عددا وشكلا و..إلخ, لكن كان هناك فرق واحد بينهن وهو أن الحكيمات كن مستعدات وقد سهرن وملأن مصابيحهن, أما الجاهلات فأهملت كل شيء!! لذلك قال لهن العريس: الحق أقول لكن: إني ما أعرفكن (مت25:12), والله لا يسمح أن يسمع أحد منا هذه العبارة القاسية.
ونقرأ أيضا في الكتاب المقدس عن أستير الملكة, وما فعلته لكي ما تنقذ شعبها من الفناء والإبادة!! فقد تطلب منها الأمر أن تدخل إلي الملك بدون دعوة منه, لكي ما تطلب منه إنقاذ شعبها!! ولكن هذا الأمر كان من الممكن أن تدفع حياتها ثمنا له!!
وهنا وبإيمان كامل طلبت من الشعب, أن يصلي ويصوم من أجل أن يعطيها الله نعمة أمام الملك صوموا من جهتي ولا تأكلوا ولا تشربوا ثلاثة أيام ليلا ونهارا. وأنا أيضا وجواري نصوم كذلك. وهكذا أدخل إلي الملك خلاف السنة. فإذا هلكت, هلكت (أس4:16), وبالفعل وجدت نعمة أمام الملك, وأنقذت شعبها من الإبادة.
ثانيا:- التوبة المستمرة:
إن الله يحب ويقبل الإنسان, الذي له التوبة المستمرة التي تعبر عن نقاوة قلبه.. ويقبل أيضا من يحفظ ثوبه الأبيض الذي ارتداه يوم المعمودية, فالسيد المسيح مازال يدعونا كل يوم قائلا: ارجعوا إلي, يقول رب الجنود, فإرجع إليكم, يقول رب الجنود (زك1:3), وأيضا يقول: ومن يقبل إلي لا أخرجه خارجا (يو6:37).
وهنا نتذكر مثل الابن الضال, الذي رجع إلي أبيه بعد فترة من الضلال والأتعاب والخطايا, وقد استقبله أبوه ورحب به وفرح به وقبله إليه, كما قال الكتاب: وإذ كان لم يزل بعيدا رآه أبوه, فتحنن وركض ووقع علي عنقه وقبله (لو15:20), وهذه هي التوبة الصادقة التي ينطبق عليها قول الكتاب: تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال, وأنا أريحكم (مت11:28).
ثالثا:- التقوي:
يذكر لنا الكتب أنه عند مقابلة بطرس الرسول مع كرنيليوس قائد المئة أنه قال له: بل في كل أمة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده (أع10:35), فالتقوي تعني مخافة الله, سواء كان ذلك في داخل غرفة الإنسان.. أو أمام الآخرين.
في الداخل كان أو في الخارج.. في كل مكان, فالمخافة هي حضور الله الدائم في حياة الإنسان, كما قال معلمنا داود النبي: جعلت الرب أمامي في كل حين. لأنه عن يميني فلا أتزعزع (مز16:8).
وأمنا العذراء مريم تقول في تسبحتها: ورحمته إلي جيل الأجيال للذين يتقونه (لو1:50), فهي تقول لنا هذا الوعد الجميل.
فليعطنا الله دائما أن نعيش هذه النعمة ونتمتع ونفرح بها.