من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
في البدء كان الكلمة, والكلمة كان عند الله, وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان, وبغيره لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة, والحياة كانت نور الناس, والنور يضيء في الظلمة, والظلمة لم تدركه. كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور, لكي يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور, بل ليشهد للنور. كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيا إلي العالم. كان في العالم, وكون العالم به, ولم يعرفه العالم. إلي خاصته جاء, وخاصته لم تقبله. وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله, أي المؤمنون باسمه (يو1:1-12).
إن كل إنسان في هذه الحياة, يسعي دائما أن يكون مقبولا عند الآخرين, فمثلا الراهب يسعي أن يكون مقبولا عند رئيس الدير وإخوته الرهبان, وآخر يسعي أن يكون مقبولا في عمله, وآخر يسعي أن يكون مقبولا في الخدمة.. أو في محيط الأسرة أو… وهكذا.
فنعمة القبول نعمة عظيمة جدا, عندما يجدها الإنسان في حياته, وهذه النعمة نجدها متكررة كثيرة جدا, في مشاهد من الكتاب المقدس, سواء كان ذلك في العهد القديم أو العهد الجديد, فيقول الكتاب: إلي خاصته جاء, وخاصته لم تقبله. وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله, أي المؤمنون باسمه (يو1:11-12).
مشاهد من نعمة القبول في العهد القديم:
إن نعمة قبول الله للإنسان, كانت تظهر قديما من خلال تقديم الذبائح, فكان الإنسان منذ بدء الخليقة يقدم الذبائح لله, وكان قبولها علامة لرضا الله عنه, أما رفضها فكان دليل غضب الله علي الإنسان أو علي شعبه, إن كانت تقدم عن الشعب.
+ فمثلا قايين قدم ذبيحته من أثمار الأرض, أما هابيل فقدم من أبكار غنمه, فنظر الله إلي هابيل وقربانه, ولم ينظر إلي قايين وقربانه, كما يقول الكتاب: إن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب, وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلي هابيل وقربانه, ولكن إلي قايين وقربانه لم ينظر (تك4:3-5). وقد قبل الرب ذبيحة هابيل, لأنها كانت ذبيحة حيوانية دموية كما يعلمنا الكتاب: وكل شيء تقريبا يتطهر حسب الناموس بالدم, وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة! (عب9:22).
+ وهكذا نوح قدم ذبيحة للرب بعد خروجه من الفلك, فيقول الكتاب: وبني نوح مذبحا للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات علي المذبح, فتنسم الرب رائحة الرضا (تك8:20-21), وعبارة فتنسم الرب رائحة الرضا تشير إلي رضا الرب عن نوح الصديق.
+ وفي عهد موسي النبي, كانت تقدم ذبائح عن خطايا الشعب, ويطلب رضا الله, فيقول الكتاب عن هذه الذبائح: إنها كانت رائحة سرور, وقود وهو للرب (خر29:18) وكلمة سرور تعني فرح ورضا وقبول, فكانت الذبيحة مبعث شعور عند الإنسان أنه مقبول لدي الرب.
وإذا تأملنا في العهد القديم قليلا, نجد أن الله أحيانا كثيرة كان يغضب علي شعبه بسبب خطاياهم الكثيرة, لذلك كان يرفض ذبائحهم التي تقدم له! كما يقول الكتاب: محرقاتكم غير مقبولة, وذبائحكم لا تلذ لي (إر6:20).
إن شعب بني إسرائيل قديما, عندما كان يعيش في رضا الله وطاعته, كان الله يتقبل ذبائحهم كرائحة سرور. كما يقول الكتاب في سفر إشعياء: وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة علي مذبحي, لأن بيتي بيت الصلاة يدعي لكل الشعوب (إش56:7). إن عملية القبول خطيرة جدا في حياة الإنسان, وفي مسيرة حياته الروحية, فكل إنسان منا قد يقوم بأعمال كثيرة خلال يومه, وهنا أسأل نفسك أيها الحبيب, هل تتنسم رائحة رضا الله وسروره عن كل ما تقوم به من أعمال؟!! هل تشعر أنك مقبول لدي الله؟.. هل تستطيع أن تصلي كل يوم وتقول, أشكرك يارب لأنك قبلتني إليك؟