من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
+ حفظ الله لكثيرين:
حفظ الله دانيال في جب الأسود فلم تمسه إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني لأني وجدت بريئا قدامه (دا6:22), وحفظ الفتية الثلاثة في أتون النار, فلم يصبهم أذي لم تكن للنار قوة علي أجسامهم, وشعرة من رؤوسهم لم تحترق, وسراويلهم لم تتغير, ورائحة النار لم تأت عليهم (دا3:27).
وحفظ أيضا يونان في بطن الحوت وأما الرب فأعد حوتا عظيما ليبتلع يونان. فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال (يون1:17), ومازال الله يحفظ الإنسان حتي الآن, ولكن من يعيشون في الأمور المادية لا يصدقون ذلك, ولكن الكتاب المقدس كتاب أمين يقدم لنا قصة الخلاص, وقصة عناية الله بالإنسان.
وأيضا حفظ القديس بطرس وهو في السجن وإذا ملاك الرب أقبل ونور أضاء في البيت فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلا: قم عاجلا. فسقطت السلسلتان من يديه (أع12:7), وحفظ بولس الرسول في أتعاب الكرازة الكثيرة بأسفار مرارا كثيرة. بأخطار سيول. بأخطار لصوص. بأخطار من جنسي. بأخطار من الأمم. بأخطار في المدينة. بأخطار في البرية. بأخطار في البحر (2كو11:26).
وحفظ الله أيضا الرهبنة في مصر, من القرن الثالث الميلادي وحتي الآن بالرغم من كل ما مرت به من أتعاب وضيقات وشدائد.
وحفظ الشهداء مثل مارجرجس أمير الشهداء, وقصته التي نعلمها جميعا, وكيف حفظه الله من السم القاتل.
وحفظ القديس يوليوس الأقفهصي كاتب سير الشهداء, وقد سجل لنا أكثر من 300 قصة استشهاد, وقد نتساءل كيف تركوه كل هذه الفترة بدون استشهاد؟!! هذه هي عناية الله وحفظه, وإن كان في النهاية صار شهيدا أيضا, ولكن بعد أن ترك لنا باقة عطرة من سير الشهداء.
لقد حفظ الله الكنيسة كل هذه القرون, ونحن الآن نفتخر بكنيستنا التي عمرها الآن ألفين سنة من الزمان!! ولذلك نقول: أبواب الجحيم لن تقوي عليها (مت16:18), وهذه الأبواب ليست بابا أو اثنين ولكنها أبواب كثيرة جدا, كانت عبر القرون وعبر التاريخ.. أكثر من أية كنيسة في العالم كله.
فالله يحفظ الإنسان.. ويحفظ الكون.. ويحفظ نفسك.. ويحفظك من نفسك.. ويحفظك من ضعفات كثيرة. والكتاب المقدس يستطيع أن يرشد الإنسان, ويوضح له مراحل كثيرة من حفظ الله له.
فأحيانا إذا شخص طرفت عيناه, يقولون له: العين عليها حارس. وبالطبع هذا الحارس قد تم تعيينه من قبل الله, فالله يحفظ الإنسان, لكن الإنسان أحيانا يعتدي علي ما أعطاه الله, مثل اعتدائه علي نهر النيل وتلويثه بمواد كيماوية ضارة, قد تصيب الإنسان بأضرار بالغة.
وهناك قصة لطيفة, عن قرية صغيرة تقع علي شاطئ البحر في أفريقيا, وقد منح الله هذه القرية رمالا بها بعض الكيماويات التي تساعد علي شفاء الإنسان من بعض الأمراض, لذلك كان يتوافد علي هذه القرية كثير من السائحين لنوال نعمة الشفاء. وكانت بيوت هذه القرية تتكون من طابق واحد فقط, وكان أساس معيشة هذه القرية علي دخل السياحة, وفي أحد الأيام جاء شخص إلي هذه القرية, واقترح علي أهلها أن يقوموا ببناء عمارات كبيرة للسكن فيها, بدلا من هذه البيوت الصغيرة, علي أن يستخدموا في البناء الرمال الموجودة بكثرة في القرية!! وبالفعل قام السكان, بذلك ولكن كانت النتيجة أنه لم يعد هناك رمال للسواح الذين يحضرون للقرية للشفاء!! وبالتالي انقطع الدخل الذي كانوا يعيشون عليه, وكان هذا بسبب اعتدائهم علي الطبيعة التي منحها الله لهم.
فالله يحفظ الإنسان ويقف بجانبه في كل ضيقة, كما يقول الكتاب: في كل ضيقهم تضايق, وملاك حضرته خلصهم (إش63:9), فالله يحفظك.. يحفظ حياتك بداية من الكون, حتي جلدك الذي يحفظك من ملايين الميكروبات والملوثات, ويحفظ إيمانك.. وسلامك.. وهدوءك.. ويعطيك نعمة الحفظ الدائم.
وهناك تدريب لطيف:
وهو أن تقرأ الكتاب المقدس تحت عنوان عناية الله بالإنسان, بمعني أنه أثناء قراءتك تقوم بتجميع الآيات التي توضح عناية الله بالإنسان, وستجد في نهاية قراءة الكتاب أن لديك كنزا من الآيات, تساعدك وتسندك خلال مسيرة حياتك بكل ما فيها من تجارب وضيقات, وتعطيك الطمأنينة أن الله سيعتني بك.