من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
وأيضا أمثال السيد المسيح, تشتمل جميعها علي الرحمة والشفقة, فمثلا في مثل الابن الضال عندما عاد إلي أبيه, لم يجد منه غير الشفقة والرحمة فيقول الكتاب: وإذ كان لم يزل بعيدا رآه أبوه, فتحنن وركض ووقع علي عنقه وقبله (لو15:20).
وهكذا مقابلات السيد المسيح اشتملت جميعها أيضا علي الرحمة, مثال لذلك مقابلته مع نيقوديموس كان إنسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس, رئيس لليهود. هذا جاء إلي يسوع ليلا (يو3:1-2), ومقابلته مع المرأة السامرية فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء فقال لها يسوع: أعطيني لأشرب (يو4:7).
ومقابلته مع نازفة الدم وإذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه (مت9:20), ولقائه مع المرأة الكنعانية وتحننه عليها وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه: ارحمني, يا سيد, يا ابن داود. ابنتي مجنونة جدا (مت15:22).
ومقابلته مع زكا العشار فلما جاء يسوع إلي المكان نظر إلي فوق فرآه وقال له: يا زكا أسرع وانزل, لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك (لو19:5).
وهنا اسأل نفسك ماذا ستقول للسيد المسيح إن تقابلت معه يوما؟!! أعتقد لن تستطيع أن تنطق إلا بعبارة واحدة وهي: ارحمني يا الله, فالطلب الأول والأخير الذي نطلبه من شخص السيد المسيح هو الرحمة.
جولة في الكتاب المقدس لمشاهدة رحمة الله:
والآن سنتجول معا في الكتاب المقدس, لنري رحمة الله وشفقته علي جنس البشر.
أولا: في العهد القديم:
+ شفقة الله علي آدم, لقد ظهرت شفقة الله منذ بداية الخليقة عندما أوجد الإنسان الأول آدم, ووجده وحيدا فقال: ليس جيدا أن يكون آدم وحده, فأصنع له معينا نظيره (تك2:18), فخلق له أمنا حواء التي كانت الإنسانة الأولي علي الأرض, فخلقة حواء بطريقة خاصة من آدم, كانت نوعا من شفقة الله علي الإنسان.
وحتي بعد سقوط آدم وحواء في الخطية, وكسرهما وصية الله أشفق أيضا عليهما!! فيقول الكتاب: وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما (تك3:21), وكان هذا نوعا من الشفقة والرحمة حتي وهما خطاة!!
+ شفقة الله علي لوط, فقد كان الملاكان يعجلان لوطا وعائلته بالخروج من المدينة, لأنها ستحرق بالنار والكبريت ولما تواني يقول الكتاب: أمسك الرجلان بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه, لشفقة الرب عليه, وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة (تك19:16).
+ شفقة الرب علي ليئة, لقد تزوج أبونا يعقوب من ليئة ابنة لابان, ثم تزوج من راحيل أختها, ويقول الكتاب: وأحب أيضا راحيل أكثر من ليئة (تك29:30), إلي جانب أن راحيل كانت أكثر جمالا من ليئة, لذلك أشفق الله علي ليئة, وأعطاها نسلا قبل راحيل أختها, فيقول الكتاب: ورأي الرب أن ليئة مكروهة ففتح رحمها, وأما راحيل فكانت عاقرا (تك29:31).