منذ مارس من العام 2007 يحتفل العالم في يوم 23 أغسطس من كل سنة, بذكري اليوم العالمي لإلغاء تجارة الرقيق, أي العبودية, وهي نوع من الأشغال الشاقة القسرية طوال الحياة للعبيد, حيث كان الناس يعملون بالسخرة القهرية في الأعمال الشاقة والحروب, وكانت ملكيتهم تعود للأشخاص الذين يستعبدونهم.
وكانوا يباعون بأسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق بعد اختطافهم من مواطنهم أو يهدي بهم مالكوهم, وشملت العبودية مناطق وقارات متعددة, وتسببت في بيع ملايين الأفارقة واستغلالهم من قبل الأوروبيين.
ومع بداية القرن التاسع عشر, بدأ المجتمع الدولي يعي بأنه غدا من الصعوبة التسامح مع تجارة الرقيق.. وتم تجريمها إلا أن الاتجار بالبشر استمر بأشكال مختلفة, حتي وصلنا للعبودية المعاصرة, وهي شرعنة الاستعباد بالرغم من إلغاء الرق, فالحياة الواقعية تعج بأشكال مختلفة من الرق, حيث تحايل الناس علي القانون باستخدام القوة أو الاحتيال أو الإكراه, وقبل المستعبدون من أجل توفير قوتهم اليومي, ذلك القوت اليومي الذي يدفع الناس لقبول الاستعباد مقابل الاستمرار في عمل حتي لو لم يكن مجزيا.
يشير مصطلح العبودية المعاصرة المعروف باسم العبودية الحديثة, إلي العبودية المؤسسية التي لا تزال موجودة في مجتمعنا الحاضر, فكل ذي سلطة في مؤسسة ما يمارس الاستعباد علي مرؤوسيه, والناس مجبرون من أجل الرزق, فحينما يفتقر الناس للقمة العيش, يضطرون لجمعها من سلال المهانة, حينما يجبرون علي الاستمرار مع رب عمل أقل ما يوصف به أنه ظالم, حينما تتحكم في مصائرهم ومصائر أسرهم مجموعة ممن يملكون أرزاقهم, بلا قوانين عادلة. هذا يندرج تحت عنوان أكبر اسمه شرعنة الاستعباد, فالشخص الذي يقبل استمراره في عمل يهان فيه ولا يحصل علي تقديره المادي والمعنوي هو مستعبد, والتي تقبل بالزواج ولا تزال قاصرا فتحيا بقية حياتها تخدم زوجها وفقط هذا أيضا استعباد. الناس لا يجدون من يحميهم من غياب العدالة القانونية والاجتماعية, والفتيات والنساء المستعبدات في منازلهن لا أحد يعلم عنهم شيئا, بسبب ما فعله ذووهم بهن, إذ سلموهن للاستغلال الجنسي والبدني صغيرات في منفي الزواج المبكر, وهو أيضا نوع من أنواع العبودية الحديثة. جميعها أشكال في ظاهرها شرعي وفي باطنها مات الضمير, وللأسف أدواتها جميعها قانونية.
إن العبودية الحديثة هي نتيجة ثانوية للفقر والقهر والقمع والجهل, فالمجتمعات التي تفتقد إلي التعليم, والحرية الاقتصادية, وحكم القانون, وذات بنية اجتماعية ضعيفة, يمكن أن تخلق بيئة تعزز قبول العبودية وانتشارها, حتي الذين تجاوزوا خط الفقر مستعبدون لآلياب التطوير. وتبدأ الدورة عندما يأخذ الناس قروضا ضخمة بشرط أن يعملوا من أجل التخلص من ديونهم. ولكن هذه القروض مصممة بحيث لا يمكن سدادها أبدا, وغالبا ما يتم ترحيل الدين للأجيال التالية.
يصبح الناس محاصرين في هذا النظام حيث يعملون ظاهريا نحو سداد القرض, علي الرغم من أنهم غالبا ما يجبرون علي العمل بعد المبلغ الأصلي الذي يدينون به. إنهم يعملون تحت قوة التهديدات وسوء المعاملة, ويعزز عجزهم هذا وجود فرق كبير بين سلطة الدائن والمدين.
والاستعباد الحديث كسر الحدود الجغرافية, فالناس تخرج من المجتمعات الفقيرة فرارا من الاستعباد المحلي. لتقع في شباك الاستعباد الأجنبي, إنهم فريسة في كل مكان, فالذين صدقوا وعود العمل يتم حجز وثائقهم وإجبارهم علي العمل تحت تهديد العنف. وهذا هو شكل من أشكال العبودية السائدة في البلدان مثل الولايات المتحدة, في أوروبا الغربية, وفي الشرق الأوسط جنبا إلي جنب مع العبودية الجنسية. للأسف لكل مجتمع عبوديته المستمرة, والتي لم تنته بمجرد تخصيص يوم للاحتفال بانتهاء الرق.