ولكنه ليس مفرحا للذين يتعرضون لقول الكتابمخيف هو الوقوع في يدي الله الحي(عب10:31) أولئك الذين يتعرضون للدينونة في مجيئه, ويقول لهم إني لا أعرفكم قط…الذين يخافون يوم تفتح الأسفار وتكشف النيات والأفكار هؤلاء لايفرحون بالرب. إنما يفرح به الذين بدأوا حياة التوبة هنا, وذاقوا بهجة خلاصه منحهم الرب ثقة بأن يكونوا معه حيث يكون هو(يو14:2).
هؤلاء لايخافون الموت, بل بالأكثر يفرحون به ولايرونه موتا, بل انطلاق. كما قال سمعان الشيخ الآن يارب تطلق عبدك(لو2) وكما قال بولس الرسوللي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح…ذاك أفضل جدا.
الذين يفرحون بالرب لايرون الباب المؤدي إلي الملكوت بابا ضيقا, ولا الطريق إليه كربا…!
إنما يري ذلك كذلك, من كان فيه الجسد يشتهي ضد الروح(غل5:17)… يري الباب ضيقا, من لم يذق وينظر ما أطيب الرب…ومن لايزال يقاوم الشهوة والجسد والعالم…هذا الذي يلزمه أن يقاوم حتي الدم, مجاهدا ضد الخطية(عب12:4).
أما الذين يحبون الرب ويفرحون به, فكل طرقه أمامهم مستقيمة وحلوة…يتغنون بها ويقولونوصية الرب مضيئة تنير العينين… شهاداته تفرح القلب, تصير الجاهل حكيما (مز19) بل يقول كل منهم للرب فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة(مز119) وجدت كلامك كالشهد فأكلته بل هوأحلي من العسل والشهد في فمي..
إذن افرحوا بالرب هنا, لكي تفرحوا به هناك
افرحوا به وبوصاياه وطرقه. افرحوا بملكوته وملائكته.افرحوا بوعوده. افرحوا بقوته العاملة فيكم, وبنعمته العاملة معكم, وبروحه القدوس الذي يشترك معكم في كل عمل صالحافرحوا بالرب كل حين وأقول أيضا افرحوا(في4:4).
إن كل ما يحيط بالرب, هو فرح لاينطق به
كان ميلاده فرحا. وفي التبشير بميلاده, قال الملاك:ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب…(لو2:10) وكانت قيامته, ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب (يو20:20) وكان جلوسه عن يمين الآب فرحا, إذ وضع أعداءه تحت موطئ قدميه (مز110:1) وكانت معجزاته أيضا فرحا…هل أتجرأ أكثر وأقول كان صلبه وموته أيضا فرحا بقولهقد أكمل (يو19:30) إذ أكمل عمل الخلاص وغفران الخطايا للعالم. وقد كان موته محرقة وقود, رائحة سرور للرب(لا1:9, 13, 17) سرور للعالم الذي نال الخلاص وسرور للآب الذي سر أن يسحقه بالحزن(إش53:10) إنه سرور باستيفاء العدل الإلهي لخلاص البشرية.
الله كما نفرح به, يفرح هو بنا ويخلصنا
فيقول الكتاب إن السماء تفرح بخاطئ يتوب(لو15:10) الخاطئ يفرح بوصوله إلي التوبة. والله يفرح بتوبة الخاطئ.مثلما وجد الخروف الضال, فحمله علي منكبيه فرحا(لو15:5).
افرح إذن بالرب. وعبر له عن فرحك به.
قل له: أنا يارب أعيش في فرح. لأني أشعر أن يدك تمسكني وتقودني, وأن نعمتك تقويني وترشدني. وروحك القدوس يعلمني كل شيء, ويمنحني مواهب لأسلك في سبلك. افرح في كل مرة تقوم به من سقطتك. وقل للربامنحني بهجة خلاصك(مز50) وعن الفرح بالتوبة ربما يسأل أحدهم ويقول:
كيف يفرح الإنسان بالتوبة, والتوبة يليق بها الدموع؟!
كيف يفرح الإنسان, وفي التوبة مذلة وانسحاق وفيها يبلل فراشه بدموعه؟!(مز6) ويجلس بالمسوح علي التراب كأهل نينوي…
أقول لك: إن التائب يشعر بفرح حتي وهو غارق في دموعه, دموعه لاتسبب له حزنا بل تسبب له تعزية, وفي التعزية يجد فرحا. ومقاييس الروحيات غير مقاييس أهل العالم. فالتوبة لذتها في انسحاقها وسعادتها في دموعها, بل إن لم تكن هناك دموع, فأن التائب يحزن ولايتعزي.
إن الدموع والفرح ـ في القاموس الروحي ـ يتمشيان معا في الدموع يصطلح الإنسان مع الله. وبالصلح يفرح وكل أعمال التوبة, من صوم وميطانيات, ومسوح ودموع, تكون في القلب ينابيع من الفرح, وكلما تعب الإنسان بالأكثر من أجل الرب فعلي هذا القدر يزداد فرحه في الداخل.
وليست الدموع فقط سبب فرح, بل حتي الموت أيضا..
الذي يفرح بالرب, يفرح بالموت, لكيما يلتقي مع الله وكثيرمن القديسين كانوا يقابلون الموت بفرح شديد…وتضيء وجوههم بالنور. وهكذا كان آباؤنا الشهداء,كما حدث مع القديس أبو فام الجندي, الذي قال عن يوم استشهاده إنه يوم عرسي ونحن أيضا نفرح في يوم استشهاد القديس ونعتبره عيدا.
افرح بالرب إذن الذي يهتم بك هنا. ويعد لك مكانا معه هناك ويعتبرك كابن خاص له, ويعاملك في حب.
افرح أن لك إلها طيبا, ليس له شبيه بين الآلهة.