صرحت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين, أن الشباب المصري يعيش أزهي عصور التمكين! وذلك بمناسبة اليوم العالمي للشباب, ولا أعلم كيف تم قياس التمكين ومقارنته بالعصور الفائتة؟ في ظل تصريحات لا تمتلك إحصاءات دقيقة لإثبات ذلك, لذلك دعونا من التصريحات التي لا تتعدي طق حنك في مناسبة عامة, فإذا تحدثنا بالأرقام نجد- طبقا لرصد المركز المصري لبحوث الرأي العامبصيرة-أن عدد الشباب في مصر يقع في العمر ما بين 15-29 سنة, أي 25.6 مليونا, ويمثلون 25.5% من السكان في بداية سنة2021, وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء, بلغ معدل البطالة بين الشباب في هذا العمر, في 2020 حوالي 15.4%, وارتفع من 10.9% بين الذكور إلي 37.6% بين الإناث, فهل هذا هو التمكين المذكور, في مجتمعنا فتيات كثيرات يتزوجن فقط لغياب الدخل الثابت, وشباب من خريجي الجامعات لايجدون وظيفة ويعملون في أي شيء وكل شيء إلي أن تنهار قواهم الجسدية والنفسية, بسبب ضياع الحلم, وأحيانا بسبب ضياع لقمة العيش, فبحسب منظمة الصحة العالمية فقد 1 من كل 6 شباب في العالم عمله أثناء جائحة كورونا وكان معظم من خسروا وظائفهم هم الشباب من عمر 18 إلي 24 سنة.
أين هو التمكين من أولئك المغمورين منزوعي الأبواق لايسمع أحد أصواتهم وليس لديهم رفاهية التصريح عما إذا كان تم تمكينهم من عدمه؟ أعمل منذ سنوات طويلة في مجال خدمة الناس, وأستطيع جيدا رصد ما يعتمل في نفوس المحتاجين من الشباب الذين أبسط وصف أنهم علي هامش الحياة في كل المجالات, هؤلاء ليست لهم علاقة بالمناصب والحوارات واللقاءات قطعا لايمكننا إنكار تحقيق خطوات مبدئية جادة نحو التمكين ولكنها أبدا ليست كافية ولا شاملة فمعظمها يصب في التمكين السياسي ذي الاتجاه الواحد, في الوقت الذي يلهث الشباب فيه نحو التمكين الاقتصادي.
يذكرني الحديث عن التمكين هنا بعملية التليين في السيارات, والتي ينصح بها الخبراء للحفاظ علي سلامة السيارة الجديدة,حيث تكون بعض أجزاء السيارة في حاجة إلي التأقلم والتجانس والتطبيع مع الأجزاء الأخري, ولكي تتخلص الإطارات من المادة العازلة, هكذا أري التمكين وأعتقد أنه يمر الآن بمرحلة التليين, وليس بأزهي العصور يحتاج للتطبيع مع كل فئات الشباب, لخلق تجانس وفرص متساوية, والتخلص من أوجه التمييز التي تعزل بعض أبناء الطبقات الأقل وصولا للحقوق عن أندادهم في الطبقات الأعلي, لأن ما يجري علي المستوي السياسي من الإعلان عن إطلاق سلسلة من لقاءات الدورية للشباب والمنصات الحوارية الدولية, وتأهيل الشباب لتولي المسئولية السياسية برغم روعته إلا أنه لن يضم كل شباب مصر, ولايمكن أن يغطي ال25 مليون شاب, ولا حتي مليونا واحدا منهم.
وهنا أتحدث عن الذين في الظل ولن تطالهم دعوات اللقاءات ولن يشاركوا فيها مهما حاولوا, لأنهم ببساطة إما مطحونون أو مقهورون,أو منسيون أو غير مؤهلين, فكل ما يقال عن القفزة الضخمة في تمثيل الشباب في تركيبة مجلس النواب الجديد وتعيين نواب للمحافظين ومعاونين للوزراء رائع جدا, لكنه لايخص أولئك الذين أتحدث عنهم وهم السواد الأعظم, لذلك يبدو أنني لا أفهم ماذا يعني التمكين.