ونحن علي أعتاب انتخابات برلمانية جديدة, يفصلنا عنها أقل من شهر, لابد وأن نقرأ ماذا يعني حل حزب يترأسه إرهابي هارب, كانت تحالفاته الأساسية مع حزب النور السلفي المشارك في الانتخابات المزمع إجراؤها في أكتوبر القادم, وجاء حل ذلك الحزب بعد تسع سنوات من التأسيس والوجود القانوني وإمكانية العمل في الشارع, عن حزب البناء والتنمية أتحدث.
تم رفع عدة دعاوي قضائية لحل الحزب, منها دعوي وليد البرش, مؤسس تمرد الجماعة الإسلامية, وربيع شلبي أحد مؤسسي الحزب, واللذين ذكرا في أسباب الدعوي أن الحزب يعمل علي معاونة جماعة إرهابية جماعة الإخوان المسلمين وله علاقات مع مخابرات دولية كمخابرات السودان وإيران وغيرها, واستمر نظر دعاوي مشابهة إلي أن تم حل حزب البناء والتنمية-الذراع السياسية للجماعة الإسلامية في مصر- في نهاية مايو 2020, أي منذ أربعة أشهر فقط, ذلك الحزب الذي تأسس عقب ثورة 25 يناير, وقاد المفاوضات لتأسيس تحالف الكتلة الإسلامية مع حزبي النور السلفي, والأصالة, وكان يترأس البناء والتنمية, طارق الزمر الهارب خارج البلاد, الذي فاز برئاسة الحزب بعد الحكم عليه بالسجن 15 عاما في قضايا إرهابية متعلقة بأحداث رابعة, ولمن لايتذكر فطارق الزمر هو الإرهابي المدان في واقعة اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات, وقضي في السجن 29 عاما خرج بعد مراجعات فكرية عميقة, تعهد خلالها بالتغيير لكن الحاضر دائما يثبت أنه لا أحد من أولئك الذين يقدمون الدين عن الوطن يتغير أبدا.
نعود لإجابة السؤال الذي بدأنا به: ماذا يعني عمل الحزب تسع سنوات, هو يعني أن معظم حلفائه وأنصاره سوف يتحولون تلقائيا لتأييد مرشحي حزب النور السلفي, وهو ما يعني أن استبعاد البناء والتنمية لن يحدث فارقا في المشهد الانتخابي, خلال انتخابات البرلمان 2020, لأن العبرة بالتأثير.
وبرغم وجود خلاف فكري بين الجماعة الإسلامية وبين السلفيين إلا أنهم يضمون علي بعضهم البعض عند المصلحة, وفي شئون الدين, وقد يسحق سداد الفواتير الانتخابية كل منطق لاحقا, ربما يري البعض تحليلي هذا ينتمي إلى الإسلاموفوبيا لكنها الفوبيا المشروعة, والخوف المشروع, الشارع لكم راجعوا التاريخ والوقائع, والفتاوي التي حاصرونا بها وتلاحقنا في كل خطوة في حياتنا, فالزمر ورفاقه, خارج مصر فقط بأجسادهم بينما تسكن أفكارهم عقول أعداد ليست قليلة من المصريين هم علي شاكلتهم, أولئك يضعون القانون في فوهة أسلحتهم ويدوسون المواطنة بأحذيتهم ويعتبرون كل من ينادي بمدنية الدولة يعلن الحرب علي الإسلام, ويحاولون تأجيج الشارع بالإلهام الخبيث الذي يستخدمونه عبر منابرهم.
أولئك الذين دخلوا في تحالف الدم مع الإخوان واعتلوا معهم منصة رابعة وباركوا الخراب والدماء, وقدموا الهوية الدينية عن الهوية الوطنية, لم ترحل أفكارهم برحيلهم, وإنما تبقي رافدة متخفية وعند المحكات تنطلق مرة أخري.
والأمثلة كثيرة لامجال لذكرها حتي لايتهمنا أحد بصب الزيت فوق النار فالحذر كل الحذر من تسللهم للمقاعد الفردية في مناطق نفوذهم عبر آخرين.