إن كنت أما أو أبا, رجلا كبيرا أو شابا, زوجا أو زوجة.. كيفما يكون وضعك ومجتمعك فسفر الأمثال يحكي لك كيف تكون إنسانا.. وكيف تكون ناجحا في حياتك.. وكيف تمارس إنسانيتك بالصورة التي رسمها الله في خلقتك علي الأرض.
لذلك يمكن أن نطلق علي سفر الأمثال دائرة معارف, فهو يعلمنا الحكمة وإحدي مشكلات الإنسان اليوم أنه ناقص في الحكمة, ليس لديه قدر كاف من الحكمة سواء في كلامه أو أفعاله أو ممارساته وأقواله.. سفر الأمثال يعلمك كيف تكون حكيما..
========
العيون المتعالية
عبر التاريخ انشغل الإنسان واهتم بالعين وتأثيرها, فإشارات العين تعتبر جزءا أساسيا من القدرة علي قراءة موقف الشخص وأفكاره. وعندما يلتقي الناس للمرة الأولي يصدرون سلسلة من الأحكام السريعة علي بعضهم البعض اعتمادا في المقام الأول علي ما يرونه.
في العدد السابق تكلمنا عن:
كيف يري المتعالي نفسه؟ وكيف يتعامل مع الآخرين؟
وفي هذا العدد نتكلم عن:
كيف يري الآخرون الإنسان المتعالي؟ وكيف يتعاملون معه؟
(1) رؤية الآخرين للمتعالي:
يري الناس الشخص المتعالي بعدة صفات رديئة, هي:
1- إنه شخص متعجرف منتفخ من الداخل ويظهر ذلك في أسلوب كلامه ومشيته وجلوسه.
2- يرونه إنسانا مقاوح يريد أن ينتصر في كل مناقشاته مع الآخرين, متشبثا برأيه.
3- يرونه كثير الجدل والنقاش لتبرير ذاته.. ويجدون التعامل معه ليس سهلا.
مثال.. شاول الملك:
شاول هو أول ملك لأسباط بني إسرائيل الاثني عشر, وقد اختاروه ملكا لهم بمعايير بشرية. اجتمع الفلسطينيون بجيش عظيم لمحاربة بني إسرائيل بقيادة شاول وأمام هذه الأعداد الهائلة للفلسطينيين, ارتعب الشعب الملتف حول شاول وهربوا واختبأوا, إلا أن صموئيل عندما علم بذلك أعطي ميعادا لشاول أنه سيأتي إليهم بعد 7 أيام ليصعد ذبائح ويبارك الشعب قبل المعركة.
ولكن يبدو أنه تأخر عن ميعاده وبدأ الشعب يتسرب من وراء شاول, ومع تأخر صموئيل وخوف شاول ضاقت نفسه وفقد حكمته وقرر أن يقوم بعمل صموئيل بأن يقدم الذبائح بنفسه, وهذا العمل خص به الله الكهنة فقط.
وعندما وصل صموئيل, كان شاول قد انتهي من تقديم المحرقة, وخرج شاول لاستقباله وأخذ البركة منه. إلا أن صموئيل عرف ما فعله شاول. فقال له صموئيل: ماذا فعلت؟ فبدأ شاول يبرر ما فعله أن السبب هو تأخره.
+ هنا يظهر كبرياء شاول الذي جعله يتطاول ويقوم بأعمال الكهنوت, وعندما واجهه صموئيل بما فعل, لم يتب ويتأسف بل برر خطأه.
+ لم تكن هذه الأعذار كافية لتبرير خطئه العظيم, فوصفه صموئيل بالحماقة والاندفاع في كسر وصايا الله, ولذلك عرض نفسه لرفض الله له, ونزع الملك منه والمملكة من نسله, وأن الله سيقيم رجلا آخر من الشعب يكون بحسب اختياره, وكان المقصود هو داود النبي (1صم13).
(2) تعامل الآخرين مع المتعالي:
عندما تتعامل مع المتعالي والمتكبر فإنك تشعر أنه يتعاظم عليك, مما يدفعك إلي التباعد عنه, وتجد عدم راحة معه, فهو شخص غير مريح في معاملاته, كذلك هو غير محبوب, وهذه المعاملات لا تشكل أي شكل من أشكال الفرح, كما تجد رغبة في نفسك أن تنتقده, خاصة إذا كان متعصبا لرأيه.
إن المتعالي يحيط نفسه بهالة قد تتفق مع شخصيته وكفاءته, وقد لا تتفق, ولكنه بهذه الهالة يقيم فجوة بينه وبين الناس, فكبرياؤه يخدعه فلا يري مشاعر الناس الحقيقية نحوه.
وبما أن المتعالي يهوي المديح فإنه يحصل عليه من المنافقين, فالذي يجد نفسه مرغما علي التعامل معه يجد أنه أيضا مرغما علي مدحه, لكي يصل معه إلي ما يريد من أهداف يسعي إليها من خلال التعامل.
مثال.. هيرودس الملك:
هيرودس الملك, وهو يخاطب الناس من علي عرشه, نافقه المحيطون به قائلين:
هذا صوت إله لا صوت إنسان (أع12:22), فسر هيرودس بذلك التمجيد, وقد صدق كلام المنافقين, ففي الحال ضربه ملاك الرب بسبب كبريائه, فمات وأكله الدود, لأنه لم يعط المجد لله وأعطي المجد لذاته.
إذن كيف تتعامل مع المتعالي بشكل روحي؟
* فكر دون انفعال, وتكلم في الوقت المناسب, فلا تنتقده مباشرة, واحترس من الدخول معه في جدل عقيم.
* التزم الموضوعية, ويمكنك أن تقدم أسئلة تتطلب دراستها من المتعالي, فالمتعالي كثيرا ما يكون سطحيا.
* لا تنافق.. قل الحق -متي لزم ذلك- بكل أدب ورقة ولباقة, فالنفاق أسلوب لا أخلاقي, امتدحه حينما يكون علي صواب ولا تمتدحه فيما هو خطأ.
* لا يهزم العيون المتعالية إلا القلوب المتضعة, النار لا تطفيء النار, العيون المتعالية لا يناسبها أن يتعامل معها الإنسان بنفس الطريقة أو بنفس الكبرياء, لكن يناسبها جدا أن الإنسان يتعامل معها بقلب متضع وأيضا بعيون متضعة.