أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والسياسة الداخلية
إن من أهم المسائل التي نتطلع إليها هي أن تقوم الحكومة بإتمام الإصلاح الاقتصادي بسرعة وبدون تمهل, لأن مستقبل البلاد يستند إلي هذا الإصلاح, كما أن الشعب بدأ يضج لارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع الأسعار نتيجة لما اتخذته الحكومة من رفع الدعم علي السلع الضرورية, ما عدا الخبز, وكذا الزيادة الفاحشة في أسعار الخدمات من مياه وكهرباء وتليفونات وغيرها من الخدمات بحجة مساواتها بأسعارها في الخارج, ولم تأخذ الحكومة في الحسبان زيادة التكلفة في الخارج وخصوصا أجور العمال والمهايا. كما أن متوسط دخل الفرد في الخارج أضعاف دخل المواطن المصري, فجاءت الزيادات التي فرضتها الحكومة في أسعار الخدمات والبنزين ومنتجات البترول عبئا ثقيلا علي عاتق المواطنين, هذا بخلاف ما تتوعدنا به الحكومة في زيادتها للأسعار في المستقبل, وكذا ضريبة المبيعات التي تتحملها جميع الطبقات بدون تفرقة- كل هذا يستوجب أن تقوم الدولة بالانتهاء من الإصلاحات الاقتصادية سريعا بإذن الله.
إن الإنتاج المتزايد هو عماد النشاط الاقتصادي, فيجب أن تعمل الحكومة بكل همة علي القضاء علي البيروقراطية والاستهتار والتهاون, وقلة الذمة من الموظفين المنحرفين, يجب مراقبة جودة الإنتاج بتحديد مواصفات قياسية للمنتجات, حتي يمكن لبضائعنا أن تنافس المنتجات الأجنبية ويمكننا منافسة المنتجات المماثلة بالخارج وارتفاع أرقام التصدير حتي تضيق الفجوة بين الاستيراد والتصدير, لأن استمرار العجز في الميزان التجاري يحمل البلاد بعبء ثقيل لتغطية هذا العجز, كما يجب علي المنتجين مراقبة تكاليفهم حتي لا يتحمل المنتج بزيادة في التكلفة, هذه التكاليف التي تستوعب أغلب قيمة هامش الربح.
كما يجب مراجعة وتعديل القوانين واللوائح التي يستغل المخربون نقصها وغموضها في تعطيل سير ركب الاستثمار ومضايقة المستثمرين, فكم من مشروعات استغرق إنشاؤها أربع أو خمس سنوات لما يلاقيه أصحابها من عقبات ومناكفات طوال مدة إخراجها إلي حيز الإنتاج, لذا يجب تعديل هذه القوانين واللوائح حتي يأخذ الاستثمار طريقا معبدا فيخرج إلي حيز الوجود في سرعة ويسر.
من أهم وسائل الإصلاح الاقتصادي تخصيصية القطاع العام, أنه يسير متعثرا فيجب الإسراع في تنفيذه, والعمل علي بدء شراء القطاع الخاص له بدون تدخل من الأيدي القذرة والمرتزقة, ويدهشني قول البعض ببيع الوحدات الخاسرة, إن المستثمرين سيحجمون عن شراء هذه الوحدات, بل يجب بيع الرابحة, أما الخاسرة فيجب العمل علي إصلاحها حتي تحقق أرباحا وحينئذ يتم بيعها فيقبل المستثمرون علي شرائها, وهذا ما اتبعته ثاتشر عندما قامت بعملية التخصيص في إنجلترا, يجب دراسة الطرق والأساليب التي تمت ونجحت في الدول الأخري واتباعها حتي نصل إلي نتائج مرضية.
يجب إصلاح سوق المال ونظام البورصات, ورفع أي رسوم أو دمغات باهظة علي رؤوس الأموال في شركات المال حتي يتشجع الجمهور علي شراء أسهم الشركات التي تطرح علي الجمهور للمشاركة في شركات القطاع العام, لقد بلغت قيمة الدمغة علي رأس المال 1.2% سواء ربحت المشروعات أم خسرت.
يجب العمل علي تشجيع رؤوس الأموال العربية والأجنبية لاستثمارها في المشروعات الصناعية والسياحية بإعطائهم تسهيلات في الحصول علي الموافقات المختلفة والرخص, فكم من شركات سياحية وقعت في مأزق عطلتها سنوات طويلة, إذ تولتها براثن المشاكل بين وزارة السياحة ووزارة الإصلاح الزراعي علي ملكية الأراضي التي اشتراها المستثمرون لإقامة منشآتهم السياحية عليها, فقد اشتروا الأراضي من وزارة السياحة وبعد الانتهاء من إقامة الكثير من المباني والمنشآت عليها أتت بلدوزرات وزارة الإصلاح فهدمتها بحجة أن الأرض مملوكة لها, واضطرت الشركة للدخول في قضايا مع الوزارتين وفي هذا تعطيل طويل للمشاريع السياحية, فيجب علي الحكومة تحديد اختصاصات كل من الوزارتين.
فإذا قامت الحكومة بهذه الخطوات المهمة زاد نشاط الاستثمارات وزاد الإنتاج وارتفعت أرقام التصدير, وكذا تشغيل الأيدي العاطلة التي تسبب مشاكل جمة للحكم وآلاما موجعة للشعب.