إن أي شخص منا, مهما كان وضعه وسنه وعمله ومنصبه ودراسته وتكوينه, له احتياجات, فما هي هذه الاحتياجات؟! إن أي إنسان منا, يحتاج إلي أربعة احتياجات أساسية, وهي:
الاحتياجات الجسدية, والاحتياجات النفسية, والاحتياجات العقلية, والاحتياجات الروحية. فلا يوجد شخص لا يحتاج إلي هذه الاحتياجات..
الاحتياجات الجسدية تتلخص في: الأكل والشرب والملبس والنوم, وأحيانا تسمي الاحتياجات الجسدية بالاحتياجات البيولوجية فكلمة بيو باللغة اليونانية تعني حياة.
أما الاحتياجات النفسية, فهي الاحتياج إلي التقدير والحنان, والأمان والحرية, وأيضا يحتاج الإنسان إلي الحب, وهذه الاحتياجات تبدأ منذ بداية ولادة الطفل, وتنمو وتتغير بنمو الإنسان.
وبالنسبة للاحتياجات العقلية, فهي الاحتياج إلي تغذية العقل بالقراءة والاطلاع والمعرفة.
أما الاحتياجات الروحية, فهي الاحتياج المطلق إلي الله, والاحتياج إلي الغفران, أي احتياج الإنسان لعمل الله في حياته, ومعية الله في كل أعماله.
ويعد الاحتياج النفسي أحد أهم هذه الاحتياجات, وهو يتلخص في الاحتياج للحب, فيصير الحب هو مفتاح القلوب, فمتي شعر الإنسان بمحبة الآخرين سيتقبل منهم أي شيء بحب واهتمام.
لذلك عندما تعامل الله معنا نحن البشر, تعامل معنا من منطلق الحب كما يقول الكتاب: لأنه هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد, لكي لا يهلك كل من يؤمن به, بل تكون له الحياة الأبدية (يو3:16).
السؤال الثاني: هل تعرف أشكال التواصل مع الآخرين؟
التواصل له ثلاثة أشكال, وهي: الشكل الفردي, والشكل الجماعي, والشكل المتعدد.
الشكل الفردي: يكون في الافتقاد, وليس شرطا أن يتم الافتقاد في المنزل, فيمكن أن يتم في الكنيسة, ويسمي جلسة حب, أو يتم عن طريق التليفون.
الشكل الاجتماعي: يكون عن طريق الاجتماعات بكل تنوعاتها, ونسمي هذه الاجتماعات لقاء حب.
أما الشكل الثالث, فهو الشكل المتعدد: فهو شكل الأنشطة الكنسية علي اختلاف أنواعها, وهذه تسمي أعمال حب.
نلاحظ هنا تكرار كلمة حب, لأن مفتاح الإنسان هو الحب, وكلمة حب هي كلمة من حرفين, وهما: الحاء ومعناها حياة, والباء ومعناها بقاء, فبقاء الحياة لا يكون إلا بالحب.
السؤال الثالث: هل تعرف مبادئ التفاعل مع الآخر؟!
بمعني كيف يتفاعل الإنسان مع أخيه الإنسان؟! وكيف يكون كلامك مع الآخر مقبولا, وكلمة تفاعل تعني Reaction, فقد تتقابل مع شخص, ومن أول لقاء يحدث نوع من القبول بينكما ويبدأ الحوار.
* مبادئ التفاعل ثلاثة مبادئ:
- أولها مبدأ القبول:
الإنسان المسيحي يقبل الجميع, ولا يكون له جماعة خاصة به, فقلبه مفتوح للجميع.
- المبدأ الثاني هو مبدأ التفاهم أو الاتصال:
بمعني أنك تستطيع أن تصل إلي الآخر, إلي قلبه وعقله.
- المبدأ الثالث هو المبادرة:
فالذي يبادر بالحديث هو الذي يبادر بكسر الحواجز بينه وبين الآخرين, وبذلك يفتح قنوات عديدة للحديث والتفاعل.
- المبدأ الرابع هو التشجيع:
والتشجيع هو أحد الاحتياجات الأساسية في التفاعل الإنساني مثل الحب تماما, وهو أيضا أحد الأسباب الرئيسية لنجاح التفاعل مع الآخرين.
والآن أود أن أحدثك عن ثلاثة مهارات أساسية للتفاعل مع الآخرين:
المهارة الأولي: الحوار والمناقشة, والسؤال والجواب.
المهارة الثانية: الاستماع الإيجابي.
المهارة الثالثة: القراءة والثقافة والاطلاع.
1- المهارة الأولي: هي مهارة الحوار والمناقشة, والسؤال والجواب, بمعني مهارة الكلام وترتيبه. وتوجد لغتان للكلام: لغة لفظية, ولغة جسدية, أي بدون ألفاظ!
الإنسان يتأثر باللغة اللفظية بنسبة 40%, أما اللغة الجسدية, فيتأثر بها بنسبة 60%, وهذه اللغة تشمل: نظرات العين, وطريقة الجلوس وغيرها من الحركات والأوضاع التي نعتمد عليها في حديثنا.
مهارة الحوار أيضا يدخل بها فترات الصمت, بمعني أنه أثناء حديثك مع شخص آخر, قد تكون هناك فترة صمت لمدة ثوان, وإذا قام الشخص الآخر بالبكاء, حاول أن تقدر سبب بكائه وحساسية مشاعره.
أيضا نبرات الصوت لها عامل مهم, فإذا أردت أن تعطي اهتماما في الحديث, وتشعر من أمامك بأهميته عندك, يجب أن تخفض نبرة صوتك وكأنك تهمس في أذنه, وهذا يعطي نوعا من الخصوصية للآخر, وكأنك تعطيه رسالة خاصة, وأنه قريب إليك جدا وأن هذه الرسالة لا تريد أن يسمعها أحد غيره, وحاول أن تجعل جلستك منطقية ومسلسلة, وأنصحك أن تصلي في قلبك أثناء حديثك مع الآخر, فصلي قائلا: يارب أرشدني وعلمني ماذا أقول, اكشف لي يارب ما يجب أن أتحدث به.
2- المهارة الثانية: هي مهارة الاستماع الإيجابي, والإنصات الكياني.. فاسمع بابتسامة واظهر الاهتمام والتعبير ببعض الكلمات البسيطة, مثل: شاطر, أو ماذا فعلت بعد ذلك؟.. وهكذا من كلمات, تبرز مدي الاهتمام.
كذلك الاهتمام بلغة الجسد فهي تنقل العديد من الرسائل أبلغ وأقوي من الكلمات.
وعلي قدر استطاعتك, عليك أن تضع الإنجيل بينك وبين من تحدثه بالأخص في جلسات الافتقاد, ويمكنك أن تستعين به في حديثك, فروح الله تستطيع أن ترشد الإنسان, وتعطيه حكمة في الموضوع الذي يتحدث فيه.
3- المهارة الثالثة: وهي مهارة القراءة والثقافة والاطلاع, فالقراءة توسع مدارك الإنسان وتنميها, مثل علم النفس أو علم الشخصيات, أو كيفية مواجهة المواقف والأزمات.
أخيرا يا عزيزي أود أن أهمس في أذنك, أن اللمسات الشخصية التي تقدمها للآخرين تصنع فارقا كبيرا في كيفية مواجهتهم للمواقف, وتذكر أن رابح النفوس حكيم (أم11:30).