من العجائب أن تشن الأجهزة الأمنية في القاهرة والمحافظات حملاتها في الأعياد والمناسبات لضبط الهاربين من الأحكام وأرباب السوابق وتجار المخدرات والبلطجية والمخالفات المرورية والتحرش الجنسي, ثم تعلن عن ضبط
من العجائب أن تشن الأجهزة الأمنية في القاهرة والمحافظات حملاتها في الأعياد والمناسبات لضبط الهاربين من الأحكام وأرباب السوابق وتجار المخدرات والبلطجية والمخالفات المرورية والتحرش الجنسي, ثم تعلن عن ضبط أرقام مفزعة بعشرات الآلاف وكأنها تفخر بإنجازاتها الخطيرة!!
لا تعلم هذه الأجهزة أن كل هذه الجرائم هي نتيجة تراكمات جبال من الجرائم ارتكبت في ظل الغياب الأمني الذي امتد لفترات طويلة, وإلا ما ضبطت هذا الكم الهائل من الجرائم!
الغريب هو صدمة اصطلاح ##التحرش الجنسي## الذي ظهر أخيرا في الشارع المصري.. كيف ولماذا أو متي ومن المسئول؟
نعود بالذاكرة عدة عقود.. في الستينيات والسبعينيات كانت تتعاون شرطة النجدة والآداب والانضباط والمباحث والدوريات الراكبة والشرطة السرية وسلاح الخيالة في منظومة متناغمة لتحقيق الانضباط والأمن الوقائي ومواجهة الكوارث والأزمات والتمشيط الفوري, وبالتالي لا يسمح بتراكم الأعداد الهائلة من الهاربين من الأحكام وأرباب السوابق بالصورة التي تكدر الأمن العام اليوم.
باختصار كان الشارع المصري تحت السيطرة وفي قبضة الأجهزة الأمنية, أخطر انحرافات الشباب كانت التسكع علي النواصي ودور السينما والمدارس ولا تتجاوز إشارة أو ابتسامة أو كلمة بريئة لا تخدش الحياء!!.. ومع ذلك كان ##البوكس## وسيارات الترحيلات تداهم هذه المناطق باستمرار للقبض علي المتسكعين ونقلهم إلي أقسام الشرطة لحلاقة شعورهم علي ##الزيرو## كإنذار, ومع التكرار تحرر المحاضر وتحال إلي النيابة العامة!
لم نسمع إطلاقا في ذلك الوقت عن حوادث التحرش الجنسي, وقبل أن تنطلق المنظمات والحركات والمبادرات لرصد ما يجري في الشوارع وتصديره وتوثيقه للاستعانة بعلماء الاجتماع والنفس ورجال الدين للتوعية والنصح, كان يجب التغلغل إلي جذور الظاهرة وكيف ولماذا تسللت ثم انفجرت كالبركان!
علي امتداد سنوات طويلة استهانت الأجهزة الأمنية بالانضباط في الشارع المصري, وتفرغت للأمن السياسي, وانسحبت من المهام الرئيسية والركائز التي تحقق الأمن والأمان للمواطن المصري.. ومع انفلات الشباب وانتشار البلطجة والغياب الأمني تصاعدت الجرائم إلي ذروتها في صور وحشية كالتحرش الجنسي, وهتك العرض والخطف والاغتصاب.
مطلوب إعادة الروح لأجهزة الشرطة وتفعيل القانون بحزم واستمرار المداهمات والكمائن والتمشيط وضرب البؤر الإجرامية إذا كنا جادين لإنقاذ هذا البلد!