أشهد أنني كنت من أوائل من طالبوا بتسكين الإسلاميين في البناء الديموقراطي منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي, ويشهد الله أنني وأبناء جيلي تربينا علي أن مصر يتشكل ضميرها من أربعة تيارات: (الإسلامي, الليبرالي, اليساري, الوطني العام), وكنت وسأظل عروبي القلب والهوي, ولكنني أتوقف مؤخرا أمام مقولة الإمام محمد عبده: وجدت في الغرب إسلاما بدون مسلمين, وفي بلادنا مسلمين بدون إسلاما.
جاءت تلك المفارقة حينما طالعت في صحيفة اليوم السابع 21أبريل خبرا بعنوان: حسان ويعقوب والشاطر وبرهامي و80عالما إسلاميا يطالبون بإقالة المفتي بسبب زيارة القدس, وأوضح البيان الذي وقع عليه علماء المسلمين أنهم اتفقوا علي رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني ومقاطعته, مشيرين إلي أنه علي الرغم من وجود أكثر المقدسات النصرانية في فلسطين المحتلة, فقد امتنعت الكنيسة المصرية ومنعت رعاياها عن زيارة هذه المقدسات بما يحقق الإجماع الوطني في هذه القضية, ولا أستطيع إلا أن أضم صوتي إلي هؤلاء رافضا التطبيع, ولكن في ذات الصحيفة وبالصفحة الأخيرة كتب الزميل خالد صلاح في عموده تحت عنوان أفحكم الجاهلية يبغون: سمعت أسفا من علماء أحبهم دفاعا عن رجل يكذب, رجل هم عرفوا أنه يكذب, رجل ظنوا أنه يتعرض لمؤامرة كبري ثم أدركوا أنه هو الذي تآمر لإخفاء الحقيقة عن الناس وعن العلماء واجترأ علي كل من أعلنوا حقيقة كذبه.
بكل سوء, رجل لونته السياسة فلم يعد في قلبه خشية من الله, وعلماء يظنون أنه إذا أعلنوا كذبه فسوف يسيئون للحركة الإسلامية كلها, ومن ثم جاءت الفتاوي بالتستر علي الكذب تحت زعم (حماية دين الله وحماية المطالبين تطبيق شرع الله علي الأرض).
انتهي كلام الأستاذ خالد صلاح ولكن الذي لم ينته ومازال باقيا هو كلام الإمام محمد عبده, فعلماء الدين الأجلاء يتصدون للتطبيع وهو مكروه, ويمررون الكذب, وهو من الكبائر وفي ذات الوقت فالغرب غير المسلم يطبق الشريعة الإسلامية حيث يرفض الكذب ويعتبره من الكبائر! رحم الله إمامنا محمد عبده.