هكذا يعلمنا السيد المسيح له المجد أن القيامة ليست عيد واحتفالات وطقوس فحسب, بل هي إيمانا قاطعا بالانتصار علي الموت. تجسد ذلك في مشهد قيامة الملايين من الأقباط المسلمين والمسيحين حزنا علي قداسة البابا الراحل وانتصارا علي موته, ولكن بعض الذين لم يعوا درس القيامة من ضعاف النفوس لم ينتظروا حتي إلي انتهاء الحداد الرسمي علي نياحة البابا شنودة و هرولوا نحو القدس المحتلة, كاسرين بذلك قرار المجمع المقدس والبابا الراحل بعدم زيارة القدس إلا مع أشقائهم المسلمين بعد التحرير.
لم يوجه هؤلاء الطعنة للمسيح المصلوب وحسب بل وللبابا شنودة الثالث في مثواه, والغريب أن بعض رجال الدين المسيحي-من غير الأرثوذكس- يبررون ذلك بالقول: ##إن الرئيس الفلسطيني أبو مازن طالبهم بذلك##. ومع كامل احترامي لهم ولأبو مازن فإن المسيحية لا تعرف فريضة تسمي الحج لبيت المقدس لا في الإنجيل المقدس, ولا في أقوال الرسل, ولا في أقوال آباء الكنيسة, إلا إذا اعتبر هؤلاء أن أبو مازن من آبائهم الروحيين!!.
ولذلك حسنا فعل نيافة القائمقام البطريركي الأنبا باخوميوس حينما سارع بإصدار بيانا أكد فيه أن جميع القرارات التي أخذها البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث لم يتم تغيرها أو الرجوع فيها وأن المجمع المقدس والمجلس الملي العام و هيئة الأوقاف القبطية اتخذت قرارا بالإبقاء علي جميع القرارات التي اتخذها البابا شنودة الثالث دون المساس بها أو تعديلها وأهمها قراره بشأن عدم زيارة فلسطين, مشيرا إلي أن الكنيسة تؤكد علي موقفها الوطني الداعم للقضية الفلسطينية, و تسير في إطار ما رسخه بابا الكنيسة الراحل من جهة أخري فإن هرولة البعض نحو ذلك التطيبع الروحي يعد ضربا من قصور النظر السياسي, لأنه حينما اتخذ قداسة البابا الراحل ذلك القرار كان يحول دون اتهام الأقباط بالخيانة من بعض المتطرفين المتأسلمين, فما بالك وهؤلاء المتأسلمون في سدة الحكم الآن!!
وهكذا يغلب الموت علي القيامة عند ضعاف النفوس, ويجعلون حدادنا وحزننا علي قداسته يمتد, ونردد مع السيد المسيح ما ردده في جثيماني نفسي حزينة حتي الموت.
ربي اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون.