المفاضلة بين نظام الانتخاب الفردي ونظام الانتخاب بالقائمة النسبية يتطلب البحث عن النظام الأكثر ملائمة لظروف مصر في اللحظة الراهنة, ولكل نظام مزاياه وعيوبه, وهناك من يفضل النظام الفردي وآخرون يفضلون نظام الانتخاب بالقائمة النسبية ولكل أسبابه ومبرراته. لذلك أعدت وطني هذا التحقيق للوقوف علي وجهات النظر المختلفة.
في البداية أوضح الدكتور حازم الببلاوي مستشار صندوق النقد العربي أن الانتخاب بالنظام الفردي يقوم علي صورة أساسية, وهي انتخاب نائب واحد بين عدد من المرشحين لكل دائرة, في حين يختار الناخب في نظام القوائم إحدي القوائم الحزبية وقد يأخذ أشكالا متعددة, وكلها تقوم علي فكرة اختيار الناخب لقائمة حزبية تتضمن عددا من المرشحين عن الدائرة الواحدة, ولا يذهب صوت الناخب إلي مرشح بذاته وإنما إلي القائمة التي يختارها, كذلك فإن القائمة الحاصلة علي أغلبية الأصوات لا تحصل علي جميع المقاعد لهذه الدائرة, وإنما فقط علي عدد من المقاعد يتناسب مع نسبة ما تحصل عليه من أصوات.
وإذا حصلت هذه القائمة علي ثلثي الأصوات فإن ثلثي المرشحين في القائمة يدخلون البرلمان بحسب ترتيبهم فيها, ومن هنا فإن دخول المرشح إلي البرلمان لا يتوقف فقط علي مدي تأييد الناخبين له في الانتخابات, وإنما أيضا علي موقعه من القائمة, فإذا كان موقعه ضمن الأسماء الأولي من القائمة فإن حظه في دخول البرلمان سيكون أكبر من زملائه في نفس القائمة التي تجئ أسماؤهم في آخرها, ولذلك فإن نظام القائمة يعطي دورا حاسما للحزب في اختيار ممثلي الشعب في البرلمان.
أوضح د. الببلاوي أن الانتخاب الفردي هو تعبير عن علاقة شبه شخصية بين الناخب والمرشح الذي يختاره, فهو يعرفه شخصيا أو يعرف عنه ويختار علي هذا الأساس, أما الانتخاب بالقائمة فهو يقوم علي اختيار الناخب لبرنامج الحزب, وبالتالي فهو يختار قائمة هذا الحزب دون أن يكون متأكدا ممن سوف يدخل فعلا البرلمان.
كما أشار د. الببلاوي إلي أن أسلوب الانتخاب بالقائمة يكون عادة مقبولا ومرحبا به في الدول ذات التراث الحزبي الراسخ, وبحيث تصبح الانتخابات منافسة بين أحزاب عريقة ومعروفة وفقا لبرامجها الحزبية وليست اختيارا بين الأفراد لما يتمتعون به من ثقة لدي ناخبيهم.
أوضح أن الانتخابات بالقائمة تقلل من خطورة تأثير المال علي الانتخابات بالنظر إلي اتساع الدوائر الانتخابية, وهي ميزة كبيرة في ذاتها, ولا يمكن التهوين من شأنها, ومع ذلك فهناك دائما أساليب لتقليل آثار المال علي الانتخابات حتي في ظل الانتخاب الفردي.
الأقباط والمرأة والمثقفون.
ونوه الدكتور رابح رتيب وكيل كلية الحقوق بجامعة بني سويف وعضو المجالس القومية المتخصصة إلي ضرورة الأخذ بنظام القائمة النسبية, مؤكدا أنه الأفضل للاستفادة من الشخصيات العامة, ومواجهة سلبيات النظام الفردي كالأقباط والمرأة والمثقفون وأساتذة الجامعة وغيرهم. أما النظام الفردي فيحتاج من هم لديهم شعبية كبيرة وعلاقة شبه شخصية بين الناخب والمرشح, لكن يعيبه الاعتماد علي رأس المال بشكل كبير وواضح, مؤكدا أن التعديلات الدستورية التي تمت من قبل أتاحت إمكانية الاختيار بحرية بين النظامين.
نظام القائمة يرفع من الوعي السياسي والرقابي.
وأشار الدكتور مجدي قرقر أمين عام مساعد حزب العمل أن نظم الانتخابات تختلف من دولة لأخري تبعا للظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. معتبرا أن النظام الفردي يتسم بالسهولة ومعرفة الناخبين لمرشحين بشكل شخصي وحاجات دائرته الانتخابية, وفي المقابل يعيبه ديكتاتورية الناخب بحيث يقوم باختيار مرشحه طبقا لعوامل شخصية ومحلية وبالتالي يكون النائب خاضعا لرغبات ناخبيه حتي وإن تعارضت مع مصالح الأمة في مجموعها.
أما أسلوب الانتخاب بالقائمة النسبية فيشير إلي تميزه بمفاضلة الناخب في هذا الأسلوب علي أساس المبادئ والبرامج الانتخابية والحزبية وليس علي أساس الاعتبارات الشخصية, مما يؤدي إلي الارتفاع بالوعي السياسي للشعب واهتمامه بالقضايا القومية, مما يؤدي إلي تقوية الأحزاب السياسية الفاعلة في الساحة السياسية, كما يتميز أنه يقوي موقف النواب أمام الحكومة بما يمكنه من ممارسة دوره الرقابي وتحجيم التدخل في تزييف إدارة الناخبين أو التأثير عليهم بالمال نتيجة لكبر الدوائر الانتخابية والاعتماد علي التمويل الحزبي وليس التمويل الفردي.
أضاف د. قرقر أن مميزات الانتخاب بالقائمة النسبية تعمل علي إضعاف تأثير الانتماء القبلي أو العشائري والذي يعوق التنمية الديموقراطية وضمان قدر من العدالة بعدم إهدار الأصوات, حيث يتم توزيع بعض الجماعات السياسية التي يصعب تمثيلها في ظل الانتخاب بالنظام الفردي كالأقباط والمرأة, وفي المقابل يعيبه تحكم الأحزاب في وضع القوائم الانتخابية.
وقالت أمينة النقاش نائب رئيس حزب التجمع: نحن نطالب منذ سنوات بتعديل نظام الانتخاب من الفردي إلي نظام القائمة النسبية, حيث يتيح الأخير فرصة لكل الأحزاب والفئات الضعيفة بأن تمثل في البرلمان خاصة العمال والمثقفين والأقباط والمرأة, أما نظام الانتخاب بالأسلوب الفردي فإنه يكرس استخدام المال والاعتماد علي القبلية وبالتالي لا يسفر عن نتائج تعبر عن الخريطة السياسية, مؤكدة أن الموقف العسكري لم يتكشف بعد بخصوص اختيار النظام المناسب في الانتخابات البرلمانية المقبلة.