نبيل غبريال:الدستور نص علي حرية الاعتقاد المطلقة دون التدخل في نيات المواطنين
0سعيد فايز:مشكلات التمييز الديني سببها غياب تفعيل نصوص الدستور
دعا نشطاء حقوقيون ومحامون الحكومة إلي فض السياسات التمييزية بين المواطنين علي أساس الدين,وأن تتقدم الحكومة في القريب العاجل بقوانين ترسخ حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية كما نص عليها الدستور في المادة 46,وأن تعمل الحكومة علي نشر ثقافة التنوع وقبول الآخر.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه محاميو الطفلين ماريو وأندرو أن حكم النقض الصادر مؤخرا أضاع فرصة ثمينة للتأكيد علي حرية الاعتقاد,وحق الطفلين في البقاء مع أمهما طوال فترة الحضانة ثم اختيار الديانة التي يريدان اعتناقها,إلا أنها خطوة يمكن الاستفادة منها في ملف حرية الاعتقاد,كمال أن رفض الطعن المقدم من ماهر الجوهري والخاص بالرغبة في الحصول علي أوراق رسمية تفيد تحوله إلي المسيحية ليس نهاية المطاف,وإنما هو خطوة في إطار النضال من أجل حرية الاعتقاد..وهو ما تلقيوطنيعليه الضوء عبر هذا التحقيق:
المحكمة اكتفت وامتنعت!
قال حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن حكم محكمة النقض والذي قضي بحق السيدة كاميليا لطفي في حضانة طفليها ماريو وأندرو رمسيس رغم إعلان والدهما تحوله إلي الإسلام خطوة إيجابية تشكل انتصارا لوالدة الطفلين التي خاضت معركة قضائية استمرت خمس سنوات دفاعا عن حقها في حضانة ولديها التوأم,إلا أن حيثيات الحكم أظهرت أن محكمة النقض أضاعت فرصة غير مسبوقة لإسقاط السياسة التمييزية التي تقضي حاليا بتغيير ديانة الأطفال المسيحيين قسريا في الأوراق الرسمية عند تحول الأب إلي الإسلام.
أوضح بهجت أن محكمة النقض اكتفت بمعالجة النتيجة وامتنعت عن تأييد مبادرة النائب العام الذي سعي لمعالجة جذور المشكلة وهي التغيير اللا إرادي لديانة الأطفال دون أدني اعتبار لإرادتهم أو إرادة أمهاتهم.
تعديل إيجابي للمرة الأولي
أشار بهجت إلي أن حيثيات الحكم أدخلت تعديلا إيجابيا طفيفا علي القواعد القانونية السارية,وبعد أن أكدت المحكمة للمرة الأولي علي حق الأمالكتابيةفي حضانة طفلها لحين بلوغ الطفل سن الخامسة عشرة الذي يحدده قانون الأحوال الشخصية كسن الاستغناء عن الحضانة,حتي في حالة تحول والد الطفل إلي الإسلام,وإقدام الدولة علي تغيير ديانة الطفل بالتبعية,حيث كانت محكمة النقض في السابق تقضي بنقل الطفل إلي حضانة الوالد المسلم عند بلوغ الطفل سن السابعة بوصفهسن تمييز الأديانوفقا للمذهب الحنفي من الفقه الإسلامي,غير أن الحكم من ناحية أخري سمح بنزع الطفل من حضانة والدته قبل سن الخامسة عشرة عندمايخشي علي دين الصغيرمن تربية الأم,وهو ما يفتح الباب أمام الأزواج السابقين ومحاكم الأسرة للالتفاف علي حكم محكمة النقض والاستمرار في انتزاع الأطفال من أمهاتهم المسيحيات دون مراعاة المصلحة الفضلي للطفل.
شرعية للتمييز!
أوضح بهجت أنه كان أمام محكمة النقض فرصة غير مسبوقة لتبني التجديد الفقهي الذي تقدم به النائب العام بما يحقق التوافق بين مباديء الفقه الإسلامي وبين الالتزام القانوني علي الدولة بكفالة حقوق كافة المواطنين ومنع التمييز ضدهم,غير أن المحكمة قررت التمسك بتفسير مذهبي متشدد يمنح شرعية للتمييز ويكفل استمرار الانتهاكات باسم الإسلام.
نوه بهجت إلي أن محاميي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقدموا في نوفمبر الماضي بطلب للنائب العام للطعن بالنقض علي حكم إسقاط حضانة الأم للطفلين البالغين من العمر أربعة عشر عاما استنادا إلي السلطة التي يمنحها له قانون المرافعات المدنية حسب المادة250 والتي تعطي النائب العام حق الطعن بالنقض في الأحكام النهائية التي لايجيز القانون للخصوم الطعن فيها مثل أحكام محاكم الأسرة,وذلك لمصلحة القانون إذا كان الحكم مبنيا علي مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله واستجاب النائب العام للطلب وبدأت دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة النقض النظر في الطعن في فبراير الماضي.
استطرد بهجت: دفعت مذكرة الطعن التي قام بتوقيعها المستشار عبد المجيد محمود النائب العام بأن عدم وجود نص قانوني ينظم مسقطات الحضانة عن النساء يوجب علي المحكمة الرجوع إلي أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة وفقا للمادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 1لسنة2000 والخاص بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية,وقبلت محكمة النقض دفع النائب العام بأن تفسير محاكم الأسرة حاليا لمذهب الإمام أبي حنيفة يشوبه الخطأ في تطبيق القانون,حيث يتوجب علي المحكمة قبل إسقاط الحضانة عن الأم المسيحية أن تبين مبررات ذلك,وألا تكتفي بالاستناد إلي مجرد بلوغ الصغيرسن تعقل الأديانوهو سبع سنوات كسبب لإسقاط الحضانة عن الأم.
وأكد بهجت أن النائب العام دفع في مذكرة الطعن إلي إنه كان علي المحكمة أن تطرح الاختيار علي الصغيرين طالما تجاوزا سن السابعة,ليقوما بممارسة دورهما الذي تكفلت بالذود عنه الشريعة الإسلامية بين البقاء علي عقيدتهما المسيحية التي نشآ عليها وتربيا في محرابها أو قبولهما طواعية الانتقال إلي دين الإسلام,غير أن محكمة النقض لم تقبل هذا الدفع وأصرت في حكمها علي التمسك بأحكامها السابقة التي قضت فيها بأن إشهار أحد الوالدين لإسلامه يجب أن يتبعه تغيير ديانة الأبناء إلي الإسلام باعتباره خير الدياناتحتي يصلوا سن البلوغ وهو الخامسة عشرة.
طالب بهجت الحكومة بالتدخل لوقف السياسة التمييزية الحالية,وخاصة بعد إعلان وزارة العدل عن اعتزامها التقدم للبرلمان بتعديلات لقانون الأحوال الشخصية وأن تتضمن هذه التعديلات نصا تشريعيا يأخذ بالرأي القانوني للنائب العام وذلك بمنح الأطفال الحق في اختيار معتقداتهم متي تجاوزوا سن السابعة خاصة بعد أن تضمنت تعديلات قانون الطفل عام 2008 مادة تكفل حق الطفل في الحماية من التمييز علي أساس الدين,وحق الطفل القادر علي تكوين آرائه الخاصة في الحصول علي المعلومات التي تمكنه من تكوين هذه الآراء وفي التعبير عنها,والاستماع إليه في جميع المسائل المتعلقة به,بما فيها الإجراءات القضائية والإدارية وفقا للإجراءات التي يحددها القانون وخاصة المادة3ج من القانون.
نوه بهجت إلي أن المبادرة تتخذ الخطوات القانونية للحفاظ علي حق الطفلين والاستفادة من طعن النائب العام,والحصول علي رأي الطفلين في اختيارهما بعد أن بلغا السن القانونية,واستغلال هذه الحالة لدعم حرية الاعتقاد.
من أجل حرية الاعتقاد
من ناحية أخري قال نبيل غبريال المحامي وعضو هيئة الدفاع عن بيتر أثناسيوسماهر الجوهريسابقا إن رفض الطعن المقدم من موكله ليس نهاية المطاف خاصة وأن طريق حرية الاعتقاد ليس مفروشا بالورود وأن هيئة الدفاع تعد لتقديم مذكرة للطعن علي رفض هذا الحكم وخاصة وأن به ثغرات عديدة تعكف هيئة الدفاع علي إعداد رد عليها.
أشار غبريال إلي أن هناك حاجة لإصدار أحكام لدعم حرية الاعتقاد مثلما تم إصدار أحكام لصالح البهائيين,خاصة وأن مشكلات عديدة في المجتمع ترجع إلي غياب حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية.
كشف غبريال النقاب عن إعداد هيئة الدفاع لمؤتمر موسع تحت عنواننضال من أجل حرية الاعتقادبمشاركة منظمة نور الشمس للتنمية وحقوق الإنسان من أجل التوصل إلي صيغ قانونية وتعديلات تشريعية تدعم حرية الاعتقاد,مع صراحة النص الدستوي في المادة 46 والذي أكد علي أن حرية الاعتقاد مطلقة دون التدخل في نيات المواطنين والتعرف علي ضمائرهم وما في قلوبهم,والتهرب من حقوقهم الدستورية في اعتناق مايريدون,دون الالتفاف حول القوانين والتهرب من الحق في حرية الاعتقاد.
النص الدستوري بلا تفعيل!!
في هذا الإطار قال سعيد فايز المحامي إن قضية ماهر الجوهري خطوة علي طريق ترسيخ وتدعيم حرية الاعتقاد,خاصة وأن هذه الواقعة كشفت عن عدم وجود جهة اختصاص حددها القانون للنظر في قضايا تغيير الدين,وأن حرية الاعتقاد تسير في اتجاه واحد,إما التحول إلي الإسلام فقط وإما الإبقاء علي ديانته الحاليةالإسلامدون الانتقال للمسيحية!
نوه فايز إلي أن حرية الاعتقاد منتهكة,ولايوجد تفعيل للنص الدستوري الذي يحفظ للمواطنين حقوقهم في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية,وأن المحامين المختصين بنظر قضية ماهر الجوهري مستمرون في متابعة القضية حتي الوصول لحل لها لتكون بداية لحل كل مشكلات حرية الاعتقاد.