موجة من الغضب والاحتجاجات ضد التعيينات الجديدة لبعض المحافظين تمثلت في تظاهر الآلاف من المواطنين في محافظات قنا والمنيا والإسكندرية وحلوان والسادس من أكتوبر معلنين رفضهم للمحافظين الجدد وتسببت الاحتجاجات في تعطيل الدراسة في الجامعات والمدارس والمصالح الحكومية, وربما توقفت مظاهر الحياة في بعض المحافظات, الاحتجاجات رغم التجاوب الشعبي معها إلا أنها حملت تجاوزات عديدة وحملت أيضا مطالب للحكومة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة كأن يتوقف تعيين المحافظين من لواءات الشرطة والجيش باعتبار أن وظيفة المحافظ مدنية وأن يتم بالانتخاب إلي غير ذلك من المطالب وطني استطلعت آراء عدد من الخبراء والباحثين:
خيال سياسي!
قال الدكتور عماد جاد رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: الاحتجاجات التي أفرزتها مساحة الحرية غير المسبوقة أوجدت حراكا مجتمعيا وديموقراطيا وما حدث بمحافظة قنا لم يكن أول احتجاج, بل احتجت محافظة الفيوم علي تعيين الفخراني محافظا لها من قبل وتم تغييره بعد ذلك, والذي أدي إلي تفاقم المشكلة في قنا أسباب مختلفة منها عدم اختيار الشخص المناسب لمحافظة قنا فيجب علي الدولة ألا تخصص محافظا مسيحيا في محافظة واحدة وبشكل دائم مثل وزارة شئون الهجرة ثم البيئة والسياحة, وعدم اختيار المحافظين من رجال الشرطة ويفضل أن يكون من الشخصيات العامة لأنه من الأسباب التي دفعت الناس إلي هذه الاحتجاجات هو احتقان المواطنين ضد رجال الشرطة وضد المحافظ السابق لواء شرطة مجدي أيوب وما فعله من سلبيات كثيرة.
لذلك اتسعت المشكلة وأخذت بعدا طائفيا من خلال بعض التيارات التي ركبت الموجة سواء من السلفيين وغيرهم ولذلك فإن الذي اتخذ قرار اختيار محافظ قنا, ليس لديه خيال سياسي وهو المسئول عن تصاعد المشكلة وأن تأخذ أبعادا طائفية.
أشار د. جاد: هناك أهمية لاختيار المحافظ من خلال الانتخابات الحرة المباشرة وبين أكثر من مرشح ويكون علي مستوي المحافظة وبالتوافق من كل الجوانب ومن المعايير التي يتم عليها اختيار المحافظ, أن يتمتع بالمصداقية وللقدرة علي العمل بفاعلية, ولا مانع من وجود نائب لدي المحافظ ومن خلال الانتخابات.
حق مشروع.. ولكن
قال أيمن عقيل مدير مؤسسة ماعت للتنمية وحقوق الإنسان: التظاهر حق مشروع ولكن لا يصلح أن يكون التظاهر وسيلة للوصول إلي نتائج غير مشروعة, ويجب رفع مستوي الوعي لدي المواطنين بأهمية التظاهر ولكن في حدود معينة وفي إطار مقنن بما لا يعيق مؤسسات الدولة عن القيام بدورها, وأيضا بما لا يفقد الدولة والحكومة هيبتها.
أوضح بقوله: علينا أن نأخذ في الاعتبار أن هذه الحكومة استمدت شرعيتها من إرادة الشعب عندما تم اختيارها من ميدان التحرير.
أكد عقيل: هناك أهمية لعمل استطلاع للرأي للمواطنين قبل شروع الدولة في صدور أي قرار يخص مصالح المواطنين لتجنب ما حدث من اضطرابات, كما أن رضوخ الحكومة لاحتجاجات المواطنين المرة تلو الأخري, يضعف الدولة والحكومة ويفقدها هيبتها.
وهناك أهمية لتفعيل دور الأجهزة الرقابية للدولة لمحاسبة كل من يتجاوز ويسيئ استخدام منصبه حتي لو كان رئيس الجمهورية دون الدخول في مظاهرات لكشف الفساد.
تأثيرات سلبية
قال د. سمير عبدالوهاب أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية: قرار ضم محافظتي حلوان والقاهرة والسادس من أكتوبر للجيزة قرار خاطئ وغير مدروس بطريقة صحيحة, ومن المشاكل الناجمة تأثر المجالس الشعبية المحلية بالمحافظتين نتيجة الاندماج للقاهرة والجيزة دون دراسة متأنية
أضاف د. عبدالوهاب: هذا الوضع القانوني الجديد له تأثير سلبي ويأتي بمشاكل مثل عدم الاستقرار للمواطنين كالعمالة وتلاميذ المدارس لنقل تبعياتهم إلي المحافظة الجديدة وعدم استقرار للقيادات الإدارية في المجلس المحلي للقاهرة والجيزة مما يترتب عليه زيادة أعباء المجلس المحلي.
وهناك خسائر اقتصادية سوف تنتج عن هذا الفصل فمن الممكن أن نترك هاتين المحافظتين ويتم وقف القرار تحسبا لتفادي هذه الخسائر ولابد أيضا من أخذ رأي المواطنين وأن تتم الانتخابات للاستقرار علي المحافظة أو إلغائها.
قال حسين عبدالرازق عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع: الحكم القائم في مصر بالنسبة للمحافظات ليس بالانتخاب بل بالتعيين بما في ذلك رئيس الإدارة المحلية والمحافظ وينظر للمحافظ في المحافظة علي أنه رئيس الجمهورية ويرجع ذلك إلي أن جوهر النظام في مصر غير ديموقراطي لأننا نجد أن المجلس المحلي ليس من حقه أن يسحب الثقة من أعضاء المجلس التنفيذي فلابد من تحول المجتمع المدني إلي مجتمع ديموقراطي وأن يكون للمواطنين الحق في تعديل الحكم المحلي علي أن يتم بالانتخاب وأن يصبح للمجلس المحلي سلطات سحب الثقة وبانتخابات حرة, فالفساد يبدأ من الإدارة المحلية إلي أعلي السلطة فلذلك لابد من انتقاء الشخصية القيادية للقضاء علي هذا الفساد ويعتبر هذا جزءا من عسكرة المجتمع, وهذا خطأ كبير, فالواجب الاعتماد علي أهل الخبرة لا أهل الثقة.
قال د. عمرو هاشم الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: نعيش مخالفات النظام السابق في تعيين المحافظين فلماذا لا يتم تعديل قانون المجالس المحلية ولابد أن يتحول إلي سلطة لتغيير المنظومة بأكملها وأن يسأل المحافظ بعد انتخابه من المجالس المحلية وتكون للمحليات إدارتها الخاصة فمن حق الشعب والمواطن اختيار من يراه صالحا في حكمه.