أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تقريرها النوعي تحت عنوانتلوث المياه قنبلة موقوتة تهدد حياة المصريين,وذلك في إطار سلسلة التقارير التي تصدرها المنظمة عن وضعية الحقوق الاقتصادية والإجتماعية.
بلغ عدد الحالات التي رصدها التقرير خلال الفترة من أكتوبر 2008/أكتوبر2009 نحو 41 حالة انتهاك للحق في المياه,توزعت ما بين مشاكل الري بواقع 8 حالات,ونقص مياه الشرب 33 حالة ويكشف التقرير عن جملة من التحديات الأساسية التي تواجه ملف المياه في مصر,وأهمها:
نسبة التلوث تزيد علي ثلاثة أمثال المعدلات العالمية للتلوث,فالملوثات الصناعية غير المعالجة أو المعالجة جزئيا والتي يتم القذف بها في المياه تقدر بأربعة ملايين ونصف المليون طن سنويا,من بينها 50 ألف طن مواد ضارة جدا و35 ألف طن من قطاع الصناعات الكيميائية المستوردة ,حيث إن نسبة الملوثات العضوية الصناعية التي تصل إلي المجاري المائية تبلغ 270 طنا يوميا,كما تقدر المخلفات الصلبة التي تلقي في المياه سنويا بنحو 14 مليون طن,فضلا عن ارتفاع نسب التسمم الناتج عن التلوث في المحافظات المصرية,فكان نصيب محافظة القاهرة 35% من حالات التسمم و12% بالجيزة و50% بالقليوبية.
وعن ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف أكد التقرير أن 38 مليون مصري يشربون من مياه الصرف الصحي و4500 قرية من بين سبعة آلاف قرية لاتزال تعتمد علي مرحاض الحفرة لعدم وجود شبكات للصرف الصحي,ويؤكد تقرير البنك الدولي أن بمصر 2.6 مليون شخص يفتقدون إلي منشآت صرف صحي أي مراحيض و76% من مياه القري مخلوطة بالصرف الصحي.
غياب للعدالة
العدالة في توزيع المياه علي مستوي الجمهورية غائبة,فتوزيع مياه الشرب بين المدينة والقرية غير متكافيء فحوالي 38% من القري فقط هي المغطاة بمياه الشرب,و56% تصلها كميات المياه بصورة غير كافية,و6% محرومة تماما من مياه الشرب,الأمر الذي يعني غياب العدالة والخلل الهيكلي في توزيع المياه.
ذلك فضلا عن مشكلة العوز المائي التي ستواجهها مصر بحلول عام 2015 في ظل إزدياد الاحتياجات وثبات كمية المياة المتاحة بما يتطلب ترشيد الاستخدام علي نطاق واسع,فقد ارتفع معدل استهلاك الفرد في القاهرة الكبري والإسكندرية إلي حوالي 400 لتر في اليوم,في حين أن المعدلات العالمية 200 لتر في اليوم,وحوالي 80% من المياه العذبة تذهب إلي الزراعة حيث يهدر غالبية المزارعين 70% من المياه لأستخدامهم طرقا تقليدية في الري احتياجاتهم,كما تذهب 15% للصناعة والكهرباء والطاقة,في ظل تلك التحديات تأتي الأرقام المعلنة,بأن القيمة الأولية التي تم رصدها لمشروعات الصرف الصحي من الحكومة كانت نحو 304 مليارات جنيه لإنهاء 89 مشروعا في 64 مدينة و181 مشروعا في القري ذات منسوب مياه جوفية مرتفع,وتمت زيادة المخصصات المالية إلي 7.8 مليار جنيه,بينما ستبلغ قيمة المخصصات المالية لمشروعات مياه الشرب 4.7 مليار جنيه.بعدما كانت الميزانية الأولي 4.4 مليار جنيه وكان نصيب مشروعات مياه الشرب فيها مليار جنيه لإنهاء 55 مشروعا و3.4 مليار جنيه للصرف الصحي لإنهاء 270 مشروعا,وذلك !!وفقا لقرارات الحكومة.
توصيات:
وعليه توصي المنظمة المصرية بوجوب تنمية الموارد المائية وزيادة نسبة الأموال المخصصة للسياسات والموارد المائية وآليات إصلاحها ,لاسيما بعد قيام الحكومة بتخفيض موازنة قطاع مياه الشرب والصرف الصحي,حيث بلغت الاعتمادات الاستثمارية خلال موازنة 5.9 مليار جنيه لتشهد تراجعا عن موازنة العام السابق 2010/2009 بحوالي 10 مليارات جنيه ويتعين علي الدولة,عند صياغة وتنفيذ استراتيجياتها الوطنية المتعلقة بالحق في الماء,أن تستفيد من المساعدة والتعاون التقني الذي تقدمه الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة في هذا الإطار.
كما ينبغي أن تتاح للأفراد والمجموعات إمكانية الوصول بالكامل وعلي قدم المساواة إلي المعلومات المتعلقة بالمياه وخدمات المياه والبيئة التي تملكها السلطات العامة,إذ تؤكد التقارير الدولية المعنية بموضوعات المياه أنه لابد من تحسين مساءلة الجمهور العام للهيئات الحكومية ومؤسسات وشركات تقديم خدمات المياه.وينبغي أن تري الحكومات والمؤسسات والشركات التي تقوم بتقديم الخدمات نتائج واضحة للأداء الجيد والأداء السييء ولتحقيق هذا لابد من توافر مبدأ الشفافية ووضع خطة قومية تشترك فيها وزارة الري والموارد المائية ووزارة الزراعة ووزارة الإسكان ووزارة التنمية المحلية ووزارة الإعلام,فالأخيرة تقوم بدعم مشاركة المواطنين في إدارة الموارد المائية وإشعارهم بملكيتهم لأنظمة الري والصرف وإحلال وتجديدات محطات الصرف الصحي وشبكاتها القائمة وسرعة حل مشكلة عدم تطبيق الأسس الفنية في تركيب الشبكات ,مما يؤدي إلي زيادة نسبة التسرب في شبكات المياه إلي نحو 50% والذي بدوره يؤدي إلي فقد مايقرب من 40% من القدرة الإنتاجية لمياه الشرب.
ثانيا: إعادة النظر في التشريعات والاستراتيجيات والسياسات المائية لضمان اتساقها مع الالتزامات الناشذة عن الحق في الماء والواردة بالمواثيق والاتفاقيات الدولية والتي صادقت عليها مصر.