طوكيو الأكثر رخاء…والمدن الأوربية الأوفر حظا
عقد المركزي المصري للدراسات الاقتصادية والبنك الدولي ندوة بمناسبة تدشين تقرير البنك الدولي لعام2009 في مصر بعنوانتقرير عن التنمية في العالم:إعادة تشكيل الجغرافية الاقتصادية,وينطلق التقرير من فكرة أساسية مفادها أن الإنتاج عادة ما يتركز في المدن الكبيرة والأقاليم الرئيسية والدول الغنية,كما يتضح علي سبيل المثال في حالة مدينة القاهرة,والتي تنتج أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي في مصر, بينما تشغل0.5% فقط من مساحتها.
قال أندرميت جيل رئيس فريق إعداد هذا التقرير بالبنك الدولي:إن أهم مناطق جغرافية في العالم تتسم بالرخاء…هي طوكيو كأكبر مدينة في العالم, حيث يبلغ عدد سكانها 35 مليون نسمة, ويعيش ربع سكانها في4% من مساحتها.
وكشف جيل عن أن المواطن الذي يعيش في القاهرة يفهم معني الكثافة السكانية نتيجة لوفرة الفرص الاقتصادية مقارنة بباقي المحافظات, وأضاف أن هناك 8ملايين أمريكية يقومون بتغيير الولايات التي يقيمون فيها من أجل تقليل المسافة التي تفصلهم عن الفرصة الاقتصادية,كما يوجد تحرك كبير للمنتجات في بلدان غرب أوربا,فمثلا شركةإيرباصالتي تصنع أجزاء الطائرات وتقوم بجمعها في كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من البلدان,ثم تقوم بتحميل أجزاء كبيرة من الطائرة علي سفن وطائرات مع تخصص الأماكن في تصنيع مختلف الأجزاء والقطع وإنتاجها بكميات كبيرة.أما أفريقيا فتشهد انقسام اقتصاديا بين بلدانها بعكس أوربا.
ويؤكد جيل أن التقرير يضع نقاطا مهمة أمام الحكومات وصانعي القرار للتعامل مع المناطق الأكثر احتياجا من أجل التنمية ومن خلال الاستهداف المكاني, وبناء التفاعل بين المناطق الغنية والفقيرة حتي تتلاشي الفجوة تدريجيا…فالانتشار السكاني بالصين ليس موزع بصورة متوازنة لذلك يجب إعطاء ميزة للشركات الكبيرة للانتقال للمناطق المستحقة, وتقديم مزيد من الدعم في مجال التعليم والصحة وهكذا في بلدان أخري كالهند والبرازيل ومصر وغيرها.
وعقبت الدكتورة لبني عبد اللطيف أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة قائلة: يعد تقرير التنمية لهذا العام الأكثر ميزة مقارنة بالتقرير السابق,حيث يقدم دمج بين المفاهيم الاقتصادية والمفاهيم الجغرافية,خاصة الفيلم الفيديو المصاحب للتقرير, والذي أعده البنك الدولي كما يعتبر التقرير أداة معلوماتية للحكومات تساعد علي اتخاذ المزيد من القرارات المناسبة, فمثلا يشير التقرير إلي أنه ليس من الجيد وقف النمو في المدن لصالح المناطق المحرومة من الخدمات لأن المدن تعتبر الفرخة التي تبيض ذهبا أيضا الاستثمار في مناطق نائية مكلف للغاية.
وتساءلت:هل يستطيع صناع القرار تنفيذ التوصيات التي جاءت بالتقرير؟.وتجيب :من الصعب إعلان ذلك كهدف من جانب الحكومات, ولكن التنمية تواجها مجموعة من التحديات والتغييرات فنقل الأشخاص من مكان لآخر أمر يتسم بالصعوبة, كما أن القاهرة تفتقد للكثير من التجانس, وتتسم بقدر هائل من تركز الاستثمارات, مقارنة بباقي المحافظات بالإضافة إلي أنها مكان لممارسة الحكومات لمهامها.
ورأت الدكتور لبني أن التقرير يركز علي ضرورة إيجاد سياسات إسكان تتعامل مع العشوائيات وغيرها, ويعتبر الحديث عن المدن والأقاليم داخل البلدان-أي الإدارة المحلية-توجه جديد للبنك الدولي,وهذا من شأنه التحول نحو اللامركزية, وتأخذ علي التقرير عدم التطرق لكيفية صناعة النمو, إذ تري أن القرب من الموارد الطبيعية والموانئ وغيرها شرط مهم, وتؤكد علي أهمية وجود مساحة أكبر للتفاوض بالنسبة لشكل الطرق الداخلية, لأن من شأنها تقليل صعوبات التنقل بين المحافظات, وبالتالي النهوض بالتجارة الداخلية في مصر.
كما عقب الدكتور سمير رضوان الخبير الاقتصادي:يجب أن نضع التقرير في إطار محايد,فقد تم وضعه في شكل معلوماتي هائل مزود بخرائط جغرافية دقيقة, ويعرض بعض الأفكار الجديدة والجيدة بالنسبة للجغرافيا الاقتصادية, ويحاول أن يتعامل مع أشياء مهمة تتعلق بالفقر والهجرة والفرص الاقتصادية, كما تحدث التقرير عن الموقع والتخصص والنمو غير المتوازن في بعض البلدان, وكيف يستطيع صناع القرار إدراك الجميع علي الخريطة الاقتصادية في إطار السياسة دون أن تحدث كثافة سكانية خانقة لذلك, يجب أن تكون هناك مواردا للنمو يتم توزيعها بشكل أكثر عدالة.