هل يلحق بسلسلة تقارير العطيفي؟!!
عقب أحداث الخصوص الطائفية وماتبعها من أحداث عنف إرهابية في محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية يوم تشييع جنازة شهداء الخصوص
هل يلحق بسلسلة تقارير العطيفي؟!!
عقب أحداث الخصوص الطائفية وماتبعها من أحداث عنف إرهابية في محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية يوم تشييع جنازة شهداء الخصوص,ونتيجة لشدة استنكار المجتمع لتلك الأحداث,كلف الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري لجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومي بدراسة وقائع وملابسات وتداعيات الأزمة والأحداث المرتبطة بها وإعداد تقرير بذلك يتم عرضه علي المجلس…وبعد عدة اجتماعات عقدتها اللجنة صدر تقريرها عن الأحداث متضمنا الآتي:
00اهتمت اللجنة في معرض مناقشة وتحليل أحداث الخصوص والكاتدرائية المرقسية بالتركيز علي القضية الأساسية المتصلة بها وهي إرساء وتفعيل مبدأ المواطنة الذي لايفرق بين مواطن وآخر بسبب اعتقاده الديني في ظل وحدة وطنية صاغها الشعب المصري عبر أجيال من تاريخه الطويل.
00استعرضت اللجنة التقرير القيم الصادر عن مجلس الشعب المصري عام1972 حين شكل المجلس لجنة لتقصي الحقائق في الأحداث الطائفية التي اندلعت في ذلك العام في الخانكة -محافظة القليوبية- وكانت تلك اللجنة برئاسة الدكتور جمال العطيفي وكيل المجلس آنذاك وعضوية ستة من أعضاء المجلس بينهم اثنان من المسيحيين.وقامت اللجنة بجهد كبير في تقصي الحقائق ووضعت تقريرها-الذي اشتهر باسمتقرير العطيفي والذي تصدي بشجاعة لرصد مواطن الخلل في المساواة بين المصريين-أقباطا ومسلمين-وانتهي إلي مجموعة من التوصيات المهمة والملحة والعاجلة التي طالب بسرعة تطبيقها وحذر من مغبة تفاقم الأوضاع إذا لم تؤخذ بالجدية الواجبة…إلا أن تلك التوصيات بقيت حبيسة صفحات التقرير ولم تتم تنفيذها علي أرض الواقع,الأمر الذي سمع باستمرار تردي الأوضاع وسقوط البلاد في مسلسل كريه من الأحداث الطائفية عبر العقود الأربعة الماضية.
00خلصت اللجنة بعد مناقشات ولجان استماع إلي اقتراح تشكيل لجنة لدراسة ملف الاحتقان الطائفي في مصر واضعة في الاعتبار مواد الدستور التي تنص علي حق المصريين من المسيحيين واليهود في الاحتكام إلي شرائعهم الدينية كمصدر للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية(مادة3)..كذلك صيانة الدولة لحرية الاعتقاد وكفالتها لحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للأديان السماوية علي النحو الذي ينظمه القانون(مادة33)…بالإضافة إلي أن المواطنين لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لاتمييز بينهم في ذلك(مادة43).
00الهدف من تشكيل اللجنة فتح ملف الخلافات والمشاكل التي تواجه المصريين علي قاعدة الدين وممارسة العبادة ووضع حلول في اتجاه تفعيل حقوق وواجبات المواطنة وصولا إلي قوانين واحدة يتم تطبيقها علي كل المصريين وأماكن عبادتهم.
00تعني اللجنة بحصر المشاكل المطروحة مع حصر الدراسات السابقة التي رصدت أوجه الخلل في حقوق المواطنة وأسباب انفجار المشاكل علي مدار العقود الماضية وسبل حلها,سعيا وراء الاتفاق علي كافة الحلول المطروحة ووضع برنامج زمني لتنفيذها.
00خلصت اللجنة إلي وضع ست توصيات مبدئية هي:
1-وضع نظام قانوني لبناء المساجد والكنائس.
2-تفعيل الدور الأمني في الشارع.
3-تطبيق القانون علي أي مصري بصرف النظر عن ديانته.
4-وضع كاميرات مراقبة في المساجد والكنائس.
5-تهيئة الأجواء بمنع التحريض وخطابات الكراهية في دور العبادة وفي الفضائيات.
6-سرعة الانتهاء من تحقيقات الخصوص والكاتدرائية وتقديم المتهمين للعدالة.
000هذا هو مضمون تقرير لجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشوري عن أحداث الخصوص والكاتدرائية المرقسية بالعباسية…وبينما أجد أنه خطوة في الاتجاه الصحيح أعترف بأن في داخلي -مثلي مثل الكثيرين-توجسا حول ماقد يناله من الجدية والالتزام من جانب مجلس الشوري,وذلك ليس مرده المجلس ذاته وتشكيله وتوجهاته,إنما مرده الخبرة التراكمية الماضية في هذا الإطار والتي تثبت أن غياب الإرادة السياسية هو الذي وقف مرارا حائلا دون التصدي لعلاج أسباب الاحتقان الطائفي لإزالتها…فما هو يأتي ذكر تقرير العطيفي الذي يعود إلي عام1972 إبان باكورة ظهور الاعتداءات علي المسيحيين وكنائسهم وبالرغم من تحذير التقرير بصرامة من أن التراخي والتقاعس من جانب الدولة عن التصدي لكافة أشكال التعصب الديني والذود عن حقوق الأقباط في العبادة وممارسة شعائرهم الدينية سيكون من شأنه تفاقم الأمور وخروجها عن نطاق السيطرة,إلا أن الاستهانة بالتقرير من جانب الدولة والتعامل معه باعتباره مجرد حقنه مخدرة لامتصاص الغضب دون وجود إرادة سياسية لتفعيله هو الذي ترك التعصب والكراهية يفلتان من عقالهما وأضاف للتاريخ المصري الحديث سجلا بشعا كريها وبائسا يضم مسلسلا طويلا مخزيا للاعتداءات التي تعرض-ومايزال يتعرض-لها الأقباط في كنائسهم وعبادتهم وممتلكاتهم وأرواحهم وأعراضهم…وليت الأمر مقصور علي سقطة تجاهل الدولة لتقرير العطيفي عام1972,إنما دفعني الأمر إلي أن أعود أبحث في ملفالأمور المسكوت عنها حيث وجدت الآتي:
0في2006/7/30 وفي الحلقة رقم(130) من الملف وتحت عنوانأين تقرير لجنة العطيفي الثانية؟!! كتبت أتساءل عن تقرير اللجنة التي شكلها مجلس الشعب لتقصي الحقائق في الأحداث الدامية التي تعرضت لها كنائس الإسكندرية في14أبريل من ذلك العام-وكانت اللجنة برئاسة الدكتورة زينب رضوان وكيلة المجلس آنذاك ونص قرار تشكيلها علي أن تذهب إلي الإسكندرية لتقصي حقائق الأوضاع التي أدت إلي انفجار العنف في الأحداث المذكورة وتضع تقريرها وترفعه إلي المجلس في مدة لاتتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ تشكيلها(2006/4/16) أي قبل حلول2006/5/15,لكن اللجنة لم تنتقل أبدا إلي الإسكندرية واكتفت بمخاطبة المسئولين وتلقي تقاريرهم المزركشة ثم أسرفت اللجنة في الحديث عن العلاقات الأزلية الطيبة بين الأقباط والمسلمين ولم تقدم التقرير المطلوب للمجلس…والأغرب من كل ذلك أن المجلس نفسه غض النظر عن تقاعس اللجنة عن الذهاب للإسكندرية وعن عدم تقديم التقرير المطلوب منها,وكأن الموضوع برمته تم إحالته إلي ثلاجة التجميد ليرقد في غياهب النسيان!!!
0في2011/5/22 وفي الحلقة رقم(347) منالأمور المسكوت عنها وتحت عنوانتقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان…هل يلحق بتقرير العطيفي؟!! تناولت تداعيات أحداث العنف والإرهاب التي انفجرت في إمبابة قبل أسبوعين(2011/5/8) وشملت الهجوم علي كنيستين وحرق ونهب إحداهما علاوة علي ترويع وإصابة وقتل الأقباط من جانب الغوغاء والمجرمين,وعلي أثر ذلك أرسل المجلس القومي لحقوق الإنسان لجنة إلي موقع الأحداث لتقصي الحقائق حول ماحدث حيث عاينت اللجنة الأوضاع علي الطبيعة واستمعت إلي العديد من شهود العيان ورجال الدين والمصابين,وأصدرت اللجنة تقريرا قويا شجاعا يتضمنه تحليل الواقع المحتقن والتربة المريضة الخصبة التي أفرزته وكيفية التعامل معه للحيلولة دون تكرار انفجار مثل تلك الأحداث بين الحين والآخر.وخلص التقرير إلي ست توصيات تشمل القبض علي المتورطين وتقديمهم للعدالة,ومتابعة ورصد أحداث التوتر الديني,والتأكيد علي سيادة القانون من جانب الدولة وليس بفرض مجالس الصلح العرفية,وتكثيف التواجد الأمني وحماية دور العبادة,ومحاسبة كل من ينشر الدعوة للكراهية أو العنف باسم الدين,والتأكيد علي ضرورة الإسراع في إصدار تشريع يجرم التمييز علي أساس الدين بإصدار قانون دور العبادة مع نشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم التسامح وقبول الآخر…والحقيقة أن ما تحقق من كل ذلك كان ماحمله عنوان المقال,فقد لحق تقرير المجلس بتقرير العطيفي واستمرت مصر تقدم للعالم نماذج متتالية لا تنقطع من الأحداث الطائفية المشينة ولا تفعل الدولة شيئا نحو الأخذ بتوصيات التقارير…وهذا هو الواقع المريض البائس الذي أوصلنا إلي الخصوص ومن بعدها الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
000إزاء كل ذلك أقف أمام تقرير لجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشوري الذي عرضته في صدر هذا المقال وأتساءل:هل يأخذ التقرير حظه من الجدية وتوفر الإرادة السياسية؟…أم سيلحق بسابقيه وينضم إلي السلسلة الشهيرة المعروفة بـتقارير العطيفي؟!!!