أثارت قضية طرد الملياردير أحمد بهجت للمذيعة الجادة والمهنية الرصينة دينا عبدالرحمن قضية الإعلام وتحديات العصر وفي مقدماتها مطرقة السلطة متمثلة في العسكر مثال الجنرال كاطو, وسندان رأس المال متمثل في مالك القناة بهجت, وما بين السلطتين يتراجع الضمير المهني ويتقدم الرقيب الداخلي للإعلامي أو الصحفي ولا فرق هنا بين قبل الثورة وبعد الثورة, فكلنا شاهدنا قبل الثورة السلطة السياسية تحبس وتطارد وتفرض شروطها علي الصحفيين الذين عانوا الحبس والفصل والاختفاء القسري وشاهدنا السلطة المالية قبل الثورة متمثلة في المليونير السيد البدوي حينما اشتري وشريكه رضا إدوار جريدة الدستور وأطاحوا بإبراهيم عيسي ورفاقه.
التحالف بين سلطة رأس المال ورأس القوة في السلطة السياسية تحالف مقدس ضد حرية الإعلام والصحافة الأمر الذي يجعل الصحفي أو الإعلامي إما أن يتكون داخله رقيب ذاتي يحسب أدق الحساب للسلطتين, أو يحاول الاستقلال فلا يجد مكانا له أو مكانة, أو يغامر ويواجه السلطتين الغاشمتين فيلقي مصيره ما بين البطالة أو تقييد حريته الشخصية أوحرية قلمه.
وفي الآونة الأخيرة شاهدنا سلطة ثالثة غير العسكر ورأس المال وهي سلطة رجال الدين أو الحركات الدينية التي تعتقد أنها تمتلك مفاتيح الأرض والسماء حيث شاهدنا سلطة رأس المال تفصل دينا عبدالرحمن وسلطة العسكر متمثلة في الجنرال كاطو أو الجنرال الرويني يخونون من يشاءون دون أن يغمض لهم رمش, ويستحوذون علي المنابر الإعلامية بشهوة الحكم أو أوهام القوة, ورأينا الداعية عاصم عبد الماجد يكفر العلمانيين والثوار ويده هو ورفاقه المحترمين في الجماعة الإسلامية ملطخة بدماء 180 شهيدا مسلما غير استحلال أرواح وأموال تجار الذهب المسيحيين وقتلهم بضمير مرتاح, ثم يحدثوننا عن الحرية وهم أبعد ما يكون عنها, ناهيك عن اتفاقتهم المعروفة مع نظام مبارك وأجهزته من أجل الإفراج عنهم ثم يحدثونا عن حرية الصحافة وتحديات الإعلام, اللهم لا أسالك رد القضاء لكني أسالك اللطف فيه.