بدعوة كريمة من الآباء أبرآم ماهر مسئول التنمية بمطرانية الأقباط الكاثوليك بالمنيا وأندراوس فرج مسئول التكوين…زرت مع الأب وليم سيدهم اليسوعي قرية البربا الكبري التابعة لمركز أبو قرقاص جنوب المنيا ,حيث استقبلنا الأب إبراهيم زكي راعي كنيسة العذراء للأقباط الكاثوليك بالقرية.
القرية مثلها مثل آلاف القري المنسية الأسماء والمتناثرة علي طول شط النهر شرقا وغربا,يقطنها بضعة آلاف من الأقباط الكاثوليك جنبا إلي جنب مع أشقائهم المسلمين ,ولم يعرف عن هذه القرية علي طول تاريخها الممتد منذ عصر الفراعنة وصولا إلي العصر الحديث مرورا بالعصر القبطي حدوث جرائم عنف ولم تطولها بعد مخالب غول التعصب البغيض ,وكالعادة الكنيسة لا تبعد كثيرا عن المسجد ,والبيوت متداخلة ,وكذلك الزراعات والدكاكين والملبس والمأكل والمشرب ومعظم الأسماء متقاربة.
تجولنا في أزقة القرية حتي وصلنا إلي حديقة كبيرة ”جنينة ”بلغة القرية ,مملوكة للكنيسة ولكنها مفتوحة لجميع أبناء القرية سواء في الأعياد أو العطلات وبعد ذلك ذهبنا إلي قاعة في مبني الخدمات والتنمية بالقرية والتي يشرف عليها إضافة إلي الأب الكاهن ولسن يوسف مسئول التنمية ,ولمدة ساعتين استمعنا إلي كورال القرية الذي يضم حوالي 20 فتاة , وينشد أغاني من التراث الشعبي والوطني ,لسيد درويش ومحمود درويش ,ومارسيل خليفة ,فيروز,الشيخ إمام عيسي,وآخرين,اخترق شعاع أصوات الوجوه الجميلة الطيبة قلوبنا,وهو يقول:” هو ذا الصوت من الأرض السمراء آت”,ونشيد المحبة لجبران”الحلوة دي قامت تعجن في البدرية”لسيد درويش و”الجدع جدع والجبان جبان”.لنجم وإمام.,ثم تحاورنا معهم وتعرفنا علي الفنان أسامة ثروت الذي يشرف علي الكورال ,وعرفنا كيف تم استخراج هذه الأصوات من حشا الأرض السمراء علي يد الراهبة الكندية الأخت دارلين منذ أكثر من 10 سنوات واستمر علي يد الأخت البلجيكية جوليانا,,غادرنا القرية ولكن الأصوات القادمة من الأرض السمراء تتعانق مع الوجوه الجميلة ,وصوت نيافة الأسقف إبراهيم مطران الأقباط الكاثوليك بالمنيا ,وهو يحدثنا عن دور التنمية الإنسانية والفن في ترقية وجدان الإنسان ,تأملت كل ذلك ودعوت الله أن يرسل إلينا من يستخرج الجمال الكامن في حشا الإنسان المصري ,والذي يجعل إنسانيته تتدفق مع النهر وتفيض مكتسحة التعصب.