لم أشعر بذاتي ككاتب محترف سابقا, أقصد آلام الكاتب ومعاناته..إلا حينما تأملت مقولة الراحل الكبير كامل زهيري..فوجدت نفسي قد تحولت إليكاتب هاو ..وقاريء محترف!
وهكذا أصبحت مسكونا بشغف القاريء..وعرفت لماذا كان مفتتح دعوة الله في القرآن الكريم:اقرأ باسم ربك الذي خلق..
وهنا أدركت أن القراءة رؤية وحياة ومسيرة وخبرةخلقمشتركة ما بين الكاتب والكلمة والقاريء.
وقادني التأمل للمقولة الإنجيلية:والكلمة صارت بشرا وحل بينناأي أن الكلمة يمكن أن تتجسد وتصير بشرا..وتنتقل من معناها الألوهي إلي معناها الإنساني ما بين الكاتب والقاريء, وتصبح الكتابة بمعناها الضميري الإنساني هي مساهمة مع الله في الخلق,وتتجسد في جدل العلاقة بين الكلمة والكاتب والقاريء والتغير الذي يعني الحركة والتقدم وربما التراجع..وهكذا تصير الكلمة أساس الحياة كمسيرة إنسانية .
تأملت كل ذلك وأنا أشعر كقاريء بالوجع لبعاد صديقي ورفيقي وكاتبي المفضل محمد سيد سعيد عن الكتابة لرحيله المبكر عن عالمنا.
وتساءلت لماذا يتعثر الإنسان المصري في التعبير عن الحب؟ وربما يخجل من ذلك, خاصة إذا كان المحبوب رجلا مثل محمد سيد سعيد, الإنسان والمعلم والباحث والمفكر, وأخيرا الصحفي ورئيس التحرير..ومن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام, وحتي البديل, مرورا بدوره في تأسيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
مئات المواقف الضميرية التي تجسدت في أشكال مختلفة من التعبير ..بحيث كان محمد أقرب للحجر الكريم الذي كلما انعكس عليه الضوء أعطي لنا لونا يختلف عن الآخر..وما بين الألوان المختلفة للباحث والكاتب والمفكر والصحفي يتجسد الإنسان الضميري..ويعجز من لايدرك محمد الإنسان أن يعرف المشترك الإنساني لألوان الطيف لذلك الحجر الكريم الإنساني..وسوف يدخل من يريد أن يتوقف أمام كل لون علي حدة في حيرة نبيلة..ولذلك لايجب أن نفصل بين الإنسان وبين المنتج الإنساني..وبالطبع في عالم مليء بالمتناقضات..ووطن يعاني من جراحات حادة بدونبنجأو مخدر,في زمن تحولت فيه الكلمة إلي سلعة, أتذكرك دائما يا محمد.
وإلي أن نلتقي في عالم أكثر إنسانية وشفافية..وحشتني يا محمد.