لا يوجد شعب في الدنيا يخاف من الفرح سوي الشعب المصري, حتي أن المثل الشعبي يقول:(اللهم اجعله عاقبة الفرحة خيرا) جال ذلك بفكري أثناء حضوري خطوبة الأسبوع الماضي, وشاهدت إحدي السيدات تبكي!!وفتاة لطيفة من أصدقاء الخطيبة تسألها:لما تبكين يا طنط؟
تأملت السيدة الباكية والفتاة السائلة, السيدة في بدايات العقد السادس والفتاة في بدايات العقد الثالث, وشعرت بأن هناك مواجهة بين الجيلين, جيل يسعي للحزن وآخر يصنع الفرح. الجيل الذي يسعي للحزن يمثل مرحلة في تاريخ مصر كانت فيها النسوة يستأجرن في المآتم امرأة تسمي(الندابة) لكي تساعدهن علي البكاء والعويل دون دموع, وكانت جدتي رحمة الله عليها تقول:هؤلاء النسوة لا يبكين إلا علي أنفسهن أو خيبة آمالهن في الحياة, وكانت والدتي رحمة الله عليها تضيف قائلة:لا أحد يبكي إلا علي نفسه.
أما هذا الجيل الجديد الذي يصنع الفرح لم يعشن زمن احتفاليات الموت التي كانت تطلي فيها السيدات في مدينتي المنيا وجوههن بالزهرة والنيلة ويخرجن بالدفوف أمام النعش, ويقمن بزيارة المقابر لإحياء حفلات الندب الجماعي!!
الجيل الجديد جيل الـ DJ استبدل الحب والفرح والرقص بالندب وعويل القدامي.
بالطبع لم تجب السيدة علي سؤال الفتاة واستمرت في البكاء, شعرت بانقباض ولكنني التمست العذر للسيدة الباكية, ربما كانت تبكي ندرة الفرح في حياتها, أو شعورها بالغربة أو ربما كانت تشعر كسائر الحموات أن هذه الخطيبة الجميلة سوف تخطف منها هذا الفتي البشوش!!تركت حزن السيدة الباكية وركزت في عيون الفتي وعروسه وسبحت فيهما نحو الفرح اللامتناهي وقلت لنفسي اللهم اجعله خيرا.