ولدي.. وحيدي.. حلم العمر.. ومنية الروح.. ارتجيته بعد طول انتظار.. لم يكن لدي أمل في الإنجاب.. ثم حدثت المعجزة.. وأهداني الله نفحة الحياة فيه.. فهل قرر استرداد منحته؟.. كلمات مليئة بالوجع.. بثتها الأم الجريحة في أذني ونفذ صدقها إلي أعماقي.. لتقص لي تفاصيل هجوم المرض اللعين علي جسد الصبي ابن الأحد عشر ربيعا.. قالت السيدة: ##أنا موظفة وزوجي موظف.. أسرة مستورة الحال.. قضي مرض طفلنا علي كل ما لدينا من مدخرات.. أكلت استشارات الأطباء ورحلات الفحوص دخلنا..
قرر الأطباء إجراء جراحة في الخارج تكلفتها 25 ألف يورو تمكنا بعد مشوار طويل من توفير 19 ألف يورو وتبقي ستة آلاف يورو.. أي ما يعادل حوالي 45 ألف جنيه.. المال هو سيد الموقف الآن.. المال هو المنقذ الوحيد لابني.. ولا أعرف ماذا أفعل؟
أم أنا أري الموت قناصا متربصا بحبيبي ووحيد عمري.. وما بيدي أمر ولا لأقدامي سبيلا.. أم أنا.. والخوف يشق صدري علي ولدي.. وما باليد حيلة ولا في القلب سوي أمنية عليلة.. أم أنا.. هزمني العجز وتربعت خيالات الليالي المظلمة في رأسي.. تفتك بالحاضر والمستقبل.. أنام إلي جواره في كل ليلة أتفرس وجهه الملائكي.. أتشبع من ملامحه.. أجتهد في الامتلاء به قبل الرحيل الذي صار محتوما فقط لأننا فقراء..
صمتت الأم الجريحة وانهمرت الدموع من عينيها سيلا هدم حصون سلامي.. فأنا أم مثلها ولي ولد وحيد كوحيدها.. وكم مررت بذاك الفزع إذا أصابه مكروه.. ولست الوحيدة فيا سيدتي كل أم تقع عيناها الآن علي هذه السطور تشعر بما تشعرين به.. وتتألم لآلامك.. وتعتصر لوجعك.. ربما لا أملك إلا النشر مبتعدة عن التفاصيل حرصا علي السرية كما أوصيتني.. لكنني علي يقين أن هناك من يملكون تغيير القدر المحتوم فالله كما خلق الداء منح الإنسان نعمة خلق الدواء.. وكما سمح باختراق المرض أجساد الفقراء.. أنزل الرحمة في قلوب الأغنياء والميسورين..
وإذ أؤمن أن زمن المعجزات لم ينته بعد أؤمن أيضا أن معجزة توفير ستة آلاف يورو ليست بمستحيلة. ولكن لي كلمة أخيرة أقولها لك لم ولن يكون أبدا المال سيدا للموقف أو منقذا من الموت المحقق فربما يرجئ وجود المال موتا طاف حول الروح لكنه أبدا لا يمنعه.. فالمال والنفوذ والسلطة والعلاقات والاتصالات بأكبر أساتذة الطب في العالم لم تمنع الموت عن أبناء الرؤساء والملوك.. ثقي في الله وإن أراد شفاء فنحن شاكرون وإن أراد استرداد وديعته لديك فنحن حزاني باكون لكننا ممتثلون..
المضطهد المرعوب
تلقيت اتصالا من شاب قال إنه في الثلاثينيات من عمره.. ويقطن إحدي محافظات وجه بحري.. كان اتصالا غريبا من نوعه.. دام أكثر من نصف الساعة.. حاول الشاب خلالها إقناعي بأنه مضطهد دينيا من مجموعة متطرفين وملتحين بالتعاون مع أمن الدولة منذ سنوات وحتي الآن.. رفض إطلاعي علي أي معلومة شخصية أتيقن من خلالها من صحة ما يقوله أو من شخصيته ورفض منحي اسم الكنيسة التي يتردد عليها أو الأب الكاهن المتابع لحالته, واكتفي بعرضه أن يتصل الكاهن بي ويتحدث معي!!.. طلبت منه إرسال أية مستندات لمحاولة مساعدته رفض قائلا: ##إيه إللي يضمن لي هاتعملوا بيها إيه أو إيه إللي يحصل لي لو نشرتم اسمي##. ورغم أني وعدته بعدم نشر اسمه إلا أنه أصر علي تعتيمي عن أية معلومة.. وبدأ في استفزازي بمناقشات غير مجدية متسائلا: ##أنت بتنشري وبس ولا عايزة تخدمي المسيح##.. ثم قال إنه يريد السفر خارج مصر, لأنه علي حد قوله, ##مش عارف يعيش هنا##.
وإلي هذا القارئ أقول:
أولا: عندما اتصلت بي مساء الثلاثاء الماضي لم يظهر لي رقم علي هاتفي المحمول المنشور عاليه.. وظهرت عبارة ##بدون رقم##.. وعندما سألتك تفسير ذلك قلت: ##باتكلم من الإنترنت##.. وللقارئ رؤيته في ذلك.
ثانيا: هل من المفترض أن أسلم بصحة كل ما يقال لي عبر الهاتف دون تقصي؟! وتحمل تبعات نشر أو المساعدة في أمر لست علي يقين تام بتفاصيله وحقائقه؟!
ثالثا: طلبت السفر خارج مصر.. ولست أنا الجهة المنوطة لمساعدة المواطنين المصريين لمغادرة وطنهم هربا لحين وصول المستندات التي تثبت روايتك.. وهو أيضا ليس إقرارا بأن الحياة في مصر وردية اللون, خالية من التمييز الديني.. ولكن إذا ترك كل مضطهد وطنه للقلة المتطرفة التي تحاول السيطرة عليه أو ترويع المختلفين معهم فمن سيبقي -أيها الشاب المجهول- مدافعا عن مصر وطنا متسعا للجميع؟!
وأخيرا: إذا كنت صادق القول فأفصح عن نفسك وإذا كنت…!! فامض بعيدا يا ذا الرقم المجهول.. فلسنا مقصدك وليس لدينا ما نخفيه عن قرائنا أو عنكم.