أنا سيدة في الخامسة والخمسين من عمري, تزوجت منذ ستة وعشرين عاما, وأنجبت ابنا واحدا, يدرس حاليا في إحدي كليات القمة, وكما يقول المثل الشعبي يخلق من ظهر الفاسد عالم , فلم أتوقع تفوقه في ظل الأجواء الكارثية التي نما وعاش فيها, بل كنت متخوفة أن تطال تلك الأجواء أخلاقياته فيخيب أملي فيه كما خاب في أبيه من قبله.
نعم خاب أملي في زوجي,كان زواجنا طبيعيا, ولم تكن لدينا مشكلات كبري في حياتنا, وبعد ثلاث سنوات من إنجاب ابني انتقلت للعيش في إحدي مدن وجه بحري,تركنا بيتنا بالصعيد,وآنذاك وقعت الكارثة, وانهارت الأسرة بعدما انهار عمودها الفقري, فالرجل هو العمود الفقري للأسرة, إذا أصابه الكسر أصابه الشلل.
تعرف زوجي علي مجموعة من السكاري الذين لا يفيقون ودخل دائرة إدمان الكحوليات,أصبح عبدا لا سيد له إلا الكأس,ولا يمكن أن يتصور أحد ما يفعله إنسان سيطر عليه الخمر, فكان يسهر خارج المنزل وداخله,ثم ينهي ليلته مترنحا في حالة من الهذيان لا تلبث أن تنقلب إلي ثورة عارمة فيدمر كل ما تطاله يداه ويوسعني ضربا,فأجري يمينا ويسارا في أرجاء المنزل أغلق الأبواب والشبابيك حتي لا يسمعني الجيران وأدفع بابني إلي داخل أقرب حجرة حتي لا تصيبه ركلة أو ضربة خاطئة يمكن أن ترديه قتيلا, كل ذلك وناهيك عن شلة السكاري الذين قد يود أحدهم اختتام ليلته بأنثي, فكنت أتعرض للإهانة كامرأة محترمة تأبي ذلك,وظل الوضع هكذا سنوات, لكنني لم أنجح إلا في طرد تلك الشلة من المنزل, لكن لم تنقطع علاقة زوجي بهم بل ظلت مستمرة, لكن خارج بيتنا.
حاولت عرضه علي الأطباء ودخل مصحة لعلاج الإدمان بضع مرات,وفي كل مرة كان يخرج أكثر شراهة وإقبالا علي الخمر,أنفق كل ما لدينا من مال مدخر,واستطعت بالكاد احتجاز ما يكفي لتعليم ابني,وحمدت الله أنه طرح الصلاح فيه رغم انهيار القدوة أمامه.
والآن ابني في الرابعة والعشرين من عمره وارتبط قلبه بحب فتاة زميلته له في الجامعة لكنه لا يقوي علي الاعتراف لها بظروفنا,خاصة أنه لن يستطيع تدبير سكن إلا معنا,أشعر بالعجز يلفني فلا أستطيع إسعاد ولدي,ولا يمكن أن أشجعه علي الارتباط والسكن معنا لتدفع زوجته الثمن غاليا.
فجأة سيطرت علي ذهني فكرة شريرة هي التي دفعتني للتواصل معكم,فكلما رأيت زوجي تملكتني رغبة ملحة في التخلص منه..فماذا لو هويت علي رأسه بيد الهون مثلا,وماذا لو طعنته بسكين,أو أطعمته سم الفئران؟ ظللت أقاوم تلك الرغبةكل ليلة حتي بت أحلم بها فلو كانت المسيحية تسمح بالتطليق لعلة الإدمان لسعيت لإطلاق سراحي من هذا السجن قبل ارتكاب جريمة لا أحد يعلم إذا تأخرت اليوم هل تأتي غدا أم سيهبني الله الصبر والحكمة مثلما وهبها لي قرابة ربع قرن,لست شريرة لكنني يائسة.
المحررة:
** علي واجهة الكاتدرائية في أمستردام بهولندا عبارة منقوشة يرجع تاريخها للقرن الخامس عشر تقول: ارضي بما ليس منه بد, فزوجك أصبح قدرا محتوما لا يمكن أن تفري منه,وتحملتيه قرابة ربع قرن ذقت فيها الأمرين فلا يمكن أن تأتي اليوم لتختتمي ملحمة الاحتمال التي أفرزت ابنا صالحا بجريمة ترتكبينها في لحظة يأس.فادفعي تلك الفكرة الشريرة عن رأسك وكلما راودتك تذكري ابنك وارفعي وجهك إلي الله ليمنحك صبرا جديدا.
لكن قبل كل ذلك اشكري الله لأنه عندما سمح بتلك التجربة منحك الحكمة لتلعبي الدور الذي كان من المفترض أن يقوم به زوجك تجاه ابنك, فهناك أسر ينخرط فيها الزوجان في إدمان الخمر,أتذكر حادثة في هذا الصدد..إذ عثر رجال البوليس الأمريكي علي ثلاثة أطفال في حالة برد وجوع شديدين وكادوا أن يموتوا, وكان السبب أن الأم والأب بعد أن سكرا بالخمر نسيا أن لهم أبناء فتركا أطفالهما وذهبا إلي حيثما قادتهما الخمر.
أما بخصوص ابنك فعدم اعترافه للفتاة التي يرغب في الارتباط بها خداع,لأنها ستصبح عضوا في أسرتكم لذلك عليه مواجهة الموقف لتختار بملء إرادتها الدخول في دائرة المعاناة معكم أو الابتعاد,خاصة أنها ستعلم كل شئ فيما بعد.
هذا بالنسبة لجزئية الاعتراف,أما عن الزواج ففي حالة قبولها لا يمكن لأية امرأة أن تغامر بالعيش مع شخص سكير في منزل واحد حتي لو كانت تحب ابنك فلن تقبل,وإذا قبلت تكون فاقدة للحكمة,وعليك بالتخلي عن الأنانية في الالتصاق بابنك,وعليك تشجيعه علي البحث عن سكن يتلاءم مع إمكاناته المادية في إحدي المدن الجديدة التي توفر إسكانا للشباب, ربما يجد في ابتعاده بداية جديدة,لكن إذا تمسكت به إلي جوارك,فأحد الأمرين سيحدث: إما أنه لن يتزوج أبدا أو سيتزوج وتتكرر مأساتك..ولكن لا أحد يعلم حينها بماذا ينتهي الأمر؟.
رودود خاصة
إلي م.ر.ن الصيدلانية:
استمري في عملك فإذا واجه كل منا غيرة وحقد بعض ضعاف النفوس من زملائه فيترك عمله لصرنا كلنا عاطلين.
إلي الزوج المخدوع كما أطلق علي نفسه:
الناس لا تلقي التهم هكذا لكن بالحكمة والمتابعة بعيدا عن الغيرة العمياء سوف تصل لحقيقة الأمور دون وجه افتراء.
إلي ن.س.ن:
التضحية اختيار وليست اضطرارا فإذا كنت اخترت التضحية من أجل أسرتك فلماذا تعيرينهم الآن؟ولماذا تشعرين بالقهر لتفوقهم عليك؟ أنت تضيعين سنوات الألم التي احتملتيها لأجلهم جميعا ولن تشعري بالراحة إذا تخليت عن مسئوليتك تجاههم الآن فمن اعتاد العطاء لن يسعد بالأخذ,فقط اهتمي بنفسك إلي جانب اهتمامك بهم..ستتوازن الحياة.
إلي ن.ر.ل:
دعي المال لمن يستطيعون إدارته ولا تقحمي نفسك في مشاكل أنت في غني عنها.
إلي ج.ع.ش:
ما يخرج من القلب ينفذ إلي الوجدان وما يخرج من اللسان لا يتعدي الآذانفلا تغالط إحساسك,مادامت مشاعرك لم تتحرك حتي الآن لا تقدم علي خطوة الارتباط حتي لا تصيرا أنتما الاثنان ضحية للفشل.