قامت إسرائيل مؤخرا بحفر آبار للمياه الجوفية بالقرب من الحدود مع مصر, خاصة في الجانب الشرقي,مما أثار تحفظات العديد من المنظمات الأهلية والخبراء الاستراتيجيين الذين حذروا من سحب مياه الآبار الموجودة في سيناء لصالح إسرائيل,وطالبوا الحكومة بالتصدي لتلك المحاولات,للحفاظ علي الثروات الطبيعية التي تمثل عصب الحياة في سيناء ويعتمد عليها الأهالي في مجال الشرب والزراعة والصناعة.
حول خطورة هذا الوضع دقتوطنيناقوس الخطر في هذا التحقيق مستعرضة في آراء لبعض المتخصصين.
استغلال المياه الجوفية!
وقالت الدكتورة هيثير جلايس أستاذ القانون الدولي بالجامعة الأمريكية,إنه بموجب الاتفاقية الموقعة بين مصر والسودان عام1959,تبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل نحوه و55مليار متر مكعب سنويا,وهي تمثل90% من الموارد المائية بمصر,وهناك صراع منذ عام1903 يتمثل في محاولة إسرائيل توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية,بجانب الاستفادة من مياه النيل وحاولا,اقناع البريطانيين بذلك الذين كانوا محتلين مصر في تلك الفترة,وبالفعل وافق البريطانيون مبدئيا علي هذه الفترة علي أن يتم تنفيذها في سرية تامة,ولأسباب سياسية تتعلق بالظروف الدولية والاقتصادية رفضت كلا من الحكومة المصرية والبريطانية مشروعهرتزلالخاص بتوطين اليهود في سيناء ومدهم بمياه النيل.
أضافت د.هيثير جلايس,أن الحلم ينتهي بعد,ولكنه برز طموح إسرائيل في مياه النيل كإحدي النتائج التي أفرزتها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية,علي الرغم من كونه طموحا قديما,ولكن ساهم توقيع المعاهدة في بلورة عدد من المطالب والمشروعات الإسرائيلية الساعية لسحب مياه النيل وتوصيلها من سيناء إلي إسرائيل,وفي الوقت الراهن يمكن القول,إن هناك أربعة مشروعات أساسية يتطلع إليه اليهود بهدف استغلال مياه النيل,المشروع الأول هو استغلال الآبار الجوفية,حيث قامت إسرائيل بحفر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية علي عمق800 متر من سطح الأرض,من خلال حفر آبار وذلك باستخدام آليات حديثة قادرة علي سحب المياه المصرية,والمشروع الثاني هو أليشع كالي الذي بدء عام 1974,من خلال طرح أليشع كالي المهندس الإسرائيلي تخطيطا لمشروع يقضي بنقل مياه النيل إلي إسرائيل,ويتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة تدفق المياه فيها وتنقل هذه المياه عن طريق سحارة أسفل قناة السويس وكتبت صحيفة معاريف في سبتمبر 1978 تقريرا بأن المشروع لسش طائشا,لأن الظروف الآن أصبحت مهيأة بعد اتفاقية السلام مع مصر لتنفيذ هذا المشروع.
استطردت الدكتورة جلايس أما المشروع الثالث,فهو بؤر الذي قدمه الخبير الإسرائيلي شاؤول أولوزوروف النائب الأسبق لمدير هيئة المياه الإسرائيلية مشروعا للسادات,خلال مباحثات كامب ديفيد يهدف إلي نقل النيل لإسرائيل عبر شق 6 قنوات تحت مياه قناة السويس,حيث يتيح هذا المشروع نقل مليار متر معكب لري صحراء النقب منها150مليون متر معكب لقطاع غزة,يري الخبراء اليهود أن وصول المياه إلي غزة يقي أهلها رهينة المشروع لدي إسرائيل فتهيب مصر من قطع المياه عنهم,وأخيرا مشروع ترعة السلام وهو مشروع اقترحه السادات في جيفا عام1979,والجدير بالذكر أن إسرائيل تسيطر منذ حرب يونيه 1967 علي مصادر المياه العربية الثلاثة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وهي حوض نهر الأردن الأعلي الذي ينبع في لبنان وسورية وحوض نهر اليرموك المشترك بين الأردن وسورية والخزانات الجوفية الضخمة تحت الضفة الغربية في فلسطين والمعروفة باسم خزان الجبل أو بئر الجبل.
ضرورة موافق مصر
عن تطبيق القانون الدولي,أوضح المستشار حسن عمر الخبير في القانون الدولي لابد من موافقة مصر,حتي تستطيع إسرائيل حفر الآبار علي الحدود المشتركة,لأنها تؤثر علي رصيد المياه الجوفية والقانون الدولي يؤكد أن الدولة تملك الأرض وما فوقها وما تحتها,وبالتالي فالموجود في باطن الأرض من ثروات ومعادن ومياه جوفية جزء من كيان الدولة,وبذلك لا يجب أن تقوم إسرائيل بتلك الأعمال,إلا بعد اتفاقية مع مصر,وسبق أن قامت حرب بين الجزائر وتونس بسبب حفر آبار للبترول بالقرب من الحدود ولابد الآن من التصدي لتلك المحاولات ومواجهتها في المحافل الدولية حتي لو استخدمت القوة لمنع سرقة المياه الجوفية لمصر,لأنها حق للبلد ولأبناء الشعب المصري ككل.
عادة قديمة
أكد الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية ورئيس تحرير مجلة مختارات إسرائيلية,أن إسرائيل اعتادت علي سحب المياه الجوفية,من خلال آبارها عن طريق تقينات عالية تستخدمها فيها خرائط توضح توزيع تلك المياه واتجاهاتها وسبق لها أن قامت بسحب المياه في الضفة الغربية,مما يؤثر علي الحياة في تلك المناطق المعينة بالتصدي لها حتي لا تضيع حقوق مصر.
سيداري….يحذر!
قال د.طلبة علي المدير السابق لمنظمة الأغذية والزراعة الفاو التابعة للأمم المتحدة,إن مركز سيداري الخاص بالدراسات المائية بالعالم,أكد أن الحاجات المائية تزداد يوميا بعد يوم,حيث إن حصة الفرد السنوية من المياه تتعلق بخصم الاستخدام المنزلي,وبمقدار الاستثمارات الزراعية والصناعية والسكانية في الدولة,بالإضافة إلي درجة التحضر السكاني ففي البلدان المتقدمة تكون حصة الفرد اليومية568 م معكب وفي الدنمارك1340 م معكب وفي اليابان 303في اليوم الواحد,وتعتمد هذه الحاجات علي حجم المدن وفي القري والضواحي يكون حجم الاستهلاك المائي أقل نسيبا وبالتالي لابد الآن من زراعة أصناف الأرز قصيرة المئو عالية الإنتاج وأيضا مكافحة الحشائش في المجاري المائية وتحلية.
مياه البحر لاستخدامها في الزراعة
مستقبل مظلم للزراعة
حول قضايا الزراعة في ظل الموارد المائية الضعيفة,أشار د.أسامة بدير مدير مركز البحوث الزراعية,أنه في حالة إقامة إسرائيل للأربعة مشروعات السابق ذكرهم سوف تصيح مصر تحت الخط المائي,وذلك لأسباب عديدة أهمها تقدر كمية مياه السيول بنحو1.5مليار متر معكب سنويا,وهي نسبة ضيئلة لا تكفي للاستخدامات المستقبلية أو لتغذية خزانات المياه الجوفية,بالإضافة إلي تلوث مياه نهر النيل وبالتالي تلوث التربة الزراعية,بسبب استخدام مياه الصرف أو إعادة استخدام مياه الصرف الصناعي التي تحمل بدورها عناصر ثقيلة سامة ومبيدات وأسمدة كيماوية,وبهذا سوف تكون مصر في موقف حرج إذا أعطت لإسرائيل الفرصة في إقامة مشروعات خاصة بالمياه الجوفية.