عقد السفير الفرنسي جون فيلكس مؤتمرا بمقر السفارة يوم 5 فبراير تحدث فيه عن تقييم الوضع الحالي في غزة, وما فعلته فرنسا فيما يتعلق بالأزمة الراهنة, وخاصة تثبيت وقف إطلاق النار.
وقال السفير إن جهودنا تأتي في إطار المبادرة المصرية التي تم إطلاقها خلال قمة شرم الشيخ الماضية, وأكد أن المبادرة المصرية هي الطريق الوحيد للهروب من الأزمة.
وقد بذلت فرنسا جهودا علي المستوي الوطني لتسهيل وصول المساعدات بقطاع غزة ولاسيما الأدوية, وأيضا لتسهيل عمل المنظمات غير الحكومية. وخصصت فرنسا أيضا 3 ملايين يورو لتسهيل عمل وكالات الأمم المتحدة العاملة في القطاع.
وهذه هي الزاوية التي ننوي العمل في إطارها للمساهمة في استعادة وضع اقتصادي واجتماعي ملائم في قطاع غزة ثم العمل علي إعادة الإعمار.
وقال السفير فيلكس إن فرنسا لعبت دورا مهما لتخصيص مساعدات للسلطة الفلسطينية أثناء مؤتمر باريس العام الماضي. وفرنسا علي اتصال دائم بالحكومة والسلطات المصرية للتعرف عن قرب عن إمكانات المساهمة الفرنسية في المؤتمر الذي نادت السلطات المصرية لعقده في مارس المقبل.
وعن تقييمه لجهود المصالحة الفلسطينية, قال السفير: إنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للأزمة بغزة, بل الحل يجب أن يكون سياسيا بالدرجة الأولي. حل سياسي يمر عبر البحث عن السلام الذي لا يمكن إقراره مع جزء واحد فقط من الشعب الفلسطيني.
ولذا يتعين علينا بذل كافة الجهود لإقرار سلام يدرك جميع مكونات المجتمع الفلسطيني فيه, فلا يمكن أن نشرع في عملية السلام مع تجاهلنا لغزة.
ولهذا تساند فرنسا بشكل تام الجهود التي تبذلها مصر من أجل المصالحة الفلسطينية. ومن وجهة نظرنا ليس هناك طريق آخر إلا العمل علي إعادة الثقة والوحدة بين الشعب الفلسطيني.
وأكد السفير فيلكس أن المصالحة يجب أن تتم عبر إنشاء حكومة وحدة وطنية أو مصالحة فلسطينية تلك الحكومة التي من شأنها أن تعمل من أجل تحضير انتخابات تشريعية فلسطينية, والسلطات الفرنسية علي استعداد تام للعمل مع هذه الحكومة التي من شأنها احترام مبادئ عملية السلام. كما يتعين عليها الموافقة في دخول مفاوضات مع إسرائيل من أجل التوصل إلي تسوية شاملة ودائمة تؤدي إلي دولتين, فلسطينية وإسرائيلية جنبا إلي جنب.
وأكد السفير فيكلس أن الحوار بين مصر وفرنسا يشهد كثافة عالية حاليا في هذا الإطار وإلي جانب الثلاث زيارات التي أجراها مؤخرا ساركوزي في مصر هناك اتصالات منتظرة بين الرئيسين.
وقد قام رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي بزيارة القاهرة السبت الماضي, واستقبله الرئيس مبارك لنفس هذا الشأن.
كما أعلن وزير الخارجية الفرنسية والأوربية كوشنير أنه سيشارك في مؤتمر إعادة الإعمار في مصر.
وجاءت زيارة الرئيس مبارك لباريس يوم الأحد الماضي في إطار التشاور والعلاقات الجيدة بين مصر وفرنسا.. المحررة.
تساؤلات
* وتلقي السفيرة عدة أسئلة حول شكل المساهمة الفرنسية في مؤتمر القاهرة المقبل, هل ستركز علي التمويل المالي؟ أم علي مشاركة شركات فرنسية في إعادة إعمار غزة؟
- أجاب السفير فيلكس: إن مساندة الأسرة الدولية لمؤتمر القاهرة المقبل لا يأتي من فراغ, إذ لدينا إطار مؤسسي وتمويلي واضح من أجل تمويل المساندة للاقتصاد الفلسطيني – في مجموعه – بمعني أننا لا يمكن أن نتجاهل غزة في هذا الشأن.
ومن الواضح أن اجتماع القاهرة المقبل سيركز علي ما سيحدث في غزة للرد بصورة واضحة علي احتياجات الشعب الفلسطيني بغزة, علي أن تأتي الجهود في إطار استمرارية ما قام به المجتمع الدولي من قبل. فلا يمكن مثلا التعامل مع ما تم من قرارات في مؤتمر باريس وكأنه لم يحدث شيء في غزة, بل ينبغي مراعاة الوضع الجديد.
وفيما يتعلق بالمساهمة الفرنسية, فالمزيد من التوصيلات بهذا الشأن سيعلنها وزير الخارجية الفرنسي خلال اجتماع القاهرة المقبل. وأود أن أذكر أنه خلال مؤتمر باريس كانت فرنسا ضمن أول المساهمين والمانحين لصالح الاقتصاد الفلسطيني.
وكان من شأن المساهمة الحالية التي تم إقرارها في باريس أنه تم تخصيص وصرف أموال بصفة فورية, لصالح الاقتصاد الفلسطيني.
* ذكر أن كوشنير قال إنه تم جمع 7.7 مليار يورو لصالح فلسطين, وأن فرنسا قدمت منحتها بالفعل, فأين بقية المبلغ؟ هل سيكمل به الإعمار أم ماذا؟
- أجاب السفير فيلكس: إنه يحدث بالفعل في مؤتمرات المانحين نوع من الإبهام في المساهمات المالية المقدمة. وهذا هو ما دفع فرنسا إلي التركيز علي الطابع الفوري الذي اتسمت به مساهمتها المالية, ولذا كان لمؤتمر باريس هدفان أساسان فيما يتعلق بالمشكلة الفلسطينية.. الأول, تقديم مساعدات فورية للميزانية الفلسطينية, إذ كانت خزينة السلطة الفلسطينية خاوية ولم يكن موظفوها قد تلقوا رواتبهم منذ عام.
فمكنت المساهمات الفرنسية المالية أسر الموظفين الفلسطينيين من العيش بصورة طيبة ومعقولة, وكان هناك نوع من الدفع ولو بصورة متواضعة للاقتصاد الفلسطيني.
وكان الهدف الثاني لمؤتمر باريس هو تعظيم تقديم مساعدات لإقامة مشروعات بفلسطين, ولهذا خصص مؤتمر باريس لدول المانحين عام 2007 مبلغ 1.5 مليار دولار لمساندة فلسطين. وبالفعل تم تحويل المبلغ. ولكن المساعدات من أجل إقامة مشروعات متعلقة بشروط لتنفيذها, ومنها: رفع الحصار المفروض علي غزة, لأن إقامة مشروع ما يستلزم بعض الوقت للتعريف به وتحقيق مقوماته في البنية الأساسية من إصلاح طرق, وشبكات كهرباء.. وخلافه.. لذا فإن إقامة المشروعات تستلزم الوقت لإنجازها.
* ماذا عن موقف فرنسا من الاتفاق الثنائي الذي وقعته الولايات المتحدة مع إسرائيل بشأن وجود قوات أجنبية لوقف تهريب الأسلحة لغزة, والرفض المصري له؟
- أجاب السفير: إننا نري أنه عندما يكون هناك ضغوط, فالأمر يستلزم جانبين.. بالنسبة للجانب المصري من الحدود, فالموقف واضح للغاية حيث أعلنت مصر رفضها أي وجود أجنبي علي أرضها ونحن نحترم الموقف المصري, لأنه موقف يتعلق بالسيادة.
فيما يتعلق بالجانب الآخر من الحدود كانت هناك مشاركة أوربية معروفة بـ أوروبام.. هذه الآلية الأوربية التي كانت متواجدة توقفت عن العمل منذ يونية 2007. وقد أعربت دول الاتحاد الأوربي عن استعدادها التام لكي تستعيد هذه الآلية عملها التام. ولكن الشرط الرئيسي لنشر هذه الآلية مرة أخري هو أنه يجب أن يكون هناك اتفاق بين الفلسطينيين أنفسهم لاستعادة تواجد السلطة الفلسطينية ضمن هذه الآلية علي الحدود.
* اعتدنا أن نري تأثيرا فرنسيا علي الجانب السوري يساهم بشكل غير مباشر في التأثير علي قيادات حماس بدمشق الذين رفضوا لقاءات المصالحة, فهل يمكن أن نري دور لفرنسا بعد هذه الأحداث في التأثير علي سورية لتأثيرها علي حماس؟
- أجاب السفير فيلكس: أعرب الرئيس الفرنسي منذ انتخابه عن رغبته في استعادة حوار سياسي مشروط مع سورية من أجل رؤية إمكانية أن تلعب سورية دورا إيجابيا فيما يتعلق بمشاكل المنطقة وبالتالي فإن نتائج مؤتمر الدوحة وانتخاب رئيس جمهورية في لبنان كانت بالنسبة لنا كلها أحداث مهمة ولاسيما أن سورية أعربت عن رغبتها في التعاون من أجل الخروج من الأزمة اللبنانية. كما أن استعادة المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل بالوساطة التركية هو أيضا علامة إيجابية من جانب السلطات السورية.
وبالطبع خلال أزمة غزة حافظت فرنسا علي اتصالاتها مع السلطات السورية, ودارت فحوي هذه المفاوضات الفرنسية – السورية حول إمكانية أن تقوم سورية بممارسة تأثير علي حماس, خاصة قيادات حماس المقيمين في سورية, من أجل التوصل لوقف إطلاق النار. والرئيس الفرنسي خلال جولته بالمنطقة زار دمشق. ومن مجموع هذه الجهود السورية – الفرنسية تم التوصل فعلا لوقف إطلاق النار.
* هل ستساعد فرنسا مصر إذا طلبت مساعدتها في المؤتمر المقبل للعمل علي تدعيم جهود السلام والمصالحة بالمنطقة؟
- أجاب السفير الفرنسي فيلكس: بالتأكيد ستقوم فرنسا ببحث إمكانية مساندتها لمصر بأية مساعدات لوجيستية أو تجهيزات أو مراقبة علي الحدود إذا طلبت منها مصر ذلك.