يبدو أن معظم قري أسيوط مازالت تحت حصار الفقر والجهل والمرض بعضها يمكن وصفه بالأكثر فقرا لتقارب سماتها وإن اختلفت أسماؤها لتكون مشاهدها لم تختلف كثيرا في مجملها عن ربع قرن مضي, ليكتشف زائروها أنها لم تلحق بقطار التنمية بعد.
في زيارة مؤخرا لإحداها قرية فاو النواورة مركز البداري جنوب مدينة أسيوط التي يقطنها ما يزيد علي 50 ألف نسمة يعيشون علي شريط أخضر ضيق 8كم ما بين النهر والجبل, شاهدنا الغرف المتناثرة وسط الزراعات تضم الغرفة الواحدة فيما لا يقل عن 12 شخصا وعلي جانبي الطرق الضيقة يحتشد الصغار مع المواشي والدواجن جنبا إلي جنب في تآلف عجيب.
والرجال يجلسون علي المصاطب أمام أعتاب الغرف الضيقة وفي الشوارع يتسامرون حول إيجاد فرص عمل جديدة ولاسيما التخطيط للسفر إلي ليبيا أو السعودية أو دول الخليج لإطعام الأفواه المفتوحة وها هو شعور قوي يغمر الزائر بأن مثل هذه القري التي ضاقت بأنفاس سكانها من النساء والأطفال ولفظت رجالها إلي مناطق بعيدة بحثا عن الرزق للاتفاق علي ذويهم خارج نطاق خطط التنمية.. معظمهم لا يأتون إلي قراهم إلا في المواسم والأعياد.
تكررت نفس المشاهد في زيارتنا لقرية دير الجبراوي مركز أبنوب رغم شهرتها بتراثها الأثري التي تجعل قاطنيها لا يفكرون إلا في الحفر داخل بيوتهم بحثا علي الآثار.. وفيما تراودهم أحلامهم تنتظر أسرهم كل صباح ما تجود عليه بهم مواشيهم ودواجنهم.. هؤلاء يختلفون عن فئات ملاك الأراضي وسماسرتها الذي لا يعلم الفقراء عنهم شيئا إلا أنهم من أصحاب النفوذ والسطوة؟!