من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي نشكرك. وحسب تقليد كنيستنا, فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات, بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
نعمة الحياة
الرب راعي فلا يعوزني شيء. في مراع خضر يربضني. إلي مياه الراحة يوردني. يرد نفسي. يهديني إلي سبل البر من أجل اسمه. أيضا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا, لأنك أنت معي. عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي. مسحت بالدهن رأسي. كأسي ريا. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي, وأسكن في بيت الرب إلي مدي الأيام (مزمور23).
نعمة الحياة هي النعمة التي أعطاها لنا الله إلي هذه الساعة أي الساعة التي نصلي فيها, فوجودنا في هذه الحياة هو نعمة من الله, وأنه أعطانا أننا نعيش لهذه الساعة هي نعمة أخري, وقد يتساءل الإنسان لماذا خلقنا الله؟!! نجيبه: الله خلقنا لأنه يحبنا, ومحبته لنا جعلته يوجدنا لكي ما نشترك في هذه الحياة.
وأيضا أعطانا أن تمتد بنا الحياة إلي هذه الساعة, فهناك نفوس انتهت إقامتها علي الأرض وانتقلت إلي السماء, لذلك فإننا في كل صباح نصلي قائلين: نشكرك يارب لأنك أعطيتنا نهارا جديدا.. وعمرا جديدا.., فكل يوم يعطيه الله لنا, هو نعمة في حد ذاته.
فالله, لأنه يحبك بصورة خاصة, أوجدك في هذه الحياة, لكي ما يكون لك هدف معين.. وخطة.. وعمل.. وقصد.. إن الله عندما خلق الإنسان خلقه بقصد, وصحيح أن الإنسان اشترك مع الله في نمو الخليقة وتكاثرها, وذلك من خلال سر الزيجة المقدس, إلا أن الله هو وحده معطي هذه الحياة.
وهذا هو التكوين الجميل للبشرية, فإن آدم وحواء أو من مثلهما عندما يرتبطان, ينتج من هذه الارتباط ابنا أو ابنة, وهذا المولود يبدأ جنينا صغيرا جدا, عبارة عن خلايا قليلة في رحم أمه, ثم ينمو بالتدريج علي مدار 9 أشهر, حتي يأتي إلي العالم.. ويكون مجيئه سبب فرحة كبيرة, للأب والأم والأسرة, وللمجتمع كله.. حيث يتم عمل شهادة ميلاد له بتاريخ ميلاده ويصبح إنسانا له وجود في المجتمع. وهنا تبدأ الكنيسة في ممارسة دورها بصلاة الحميم.. ثم المعمودية المقدسة.. ثم يبدأ في ممارسة الأسرار الكنسية المختلفة, وتبدأ ظهور خطة الله في حياة هذا الإنسان.
إن الله في خلقته للإنسان, كان هدفه الأساسي هو المحبة, لذلك نقول: الله محبة (1يو4:8), ومن هذه المحبة أوجد الله الإنسان, حتي إنه لا يستطيع أن يعيش إلا من خلال هذه المحبة, وأيضا الله لا ينسي الإنسان الذي خلقه كما يقول الكتاب: هل تنسي المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتي هؤلاء ينسين, وأنا لا أنساك, هوذا علي كفي نقشتك (إش49:15-16).
ومن الطقوس الجميلة في كنيستنا, فكرة بيض النعامة التي توضع علي باب الهيكل, إشارة إلي القيامة, وأيضا إلي عناية الله, لأن النعامة تدفن بيضها في التراب, وبذلك تعرضه لخطر أقدام الحيوانات التي من الممكن أن تهرس البيض, ولكن الله يحفظ البيض, فالله الذي استطاع أن يحفظها, يستطيع أيضا أن يحفظك, لأن عينيه عليك, فلن ينساك. الله يظل يعتني بالإنسان ويرعاه الرب راعي فلا يعوزني شيء (مز23:1), وبالرغم من كل هذا, قد يقول البعض: إن وجودي غير مهم في هذه الحياة!!.. أو لماذا خلقني الله؟!! وكأنه يعتدي علي نعمة الله.