في ظل تطورات أزمة غزة خرجت عشرات المظاهرات في مصر تندد بالهجوم الإسرائيلي علي غزة, كذلك خرجت مظاهرات في البلدان العربية وبعض مدن العالم تندد بالاعتداءات وتدين الموقف الرسمي المصري من فتح المعابر لدخول الحالات الإنسانية والمصابين ومواد الإغاثة فقط. تزامن ذلك مع هجوم شديد علي الدبلوماسية المصرية من قيادات حزب الله وحركة حماس, وإيران, خاصة في ظل رغبة إيران في إلهاء الإدارة الأمريكية الجديدة بملف فلسطين علي حساب الملف النووي الإيراني.
وطني تطرح آراء بعض الخبراء والمتخصصين في الأزمة الحالية, وكيفية ظهور دور إيجابي للدبلوماسية المصرية يحفظ لمصر مكانتها في المنطقة, والعبور من الأزمة بشكل لا يؤثر علي الأوضاع الداخلية في مصر سلبيا.
ونوه الخبراء إلي أن الموقف المصري كان سليما في التعامل مع الأزمة, وأن هناك اتفاقيات لابد من احترامها, وضرورة توحيد الصف الفلسطيني كأساس ضروري للحل الجذري للمشكلة.
الاهتمام العربي بالقضية
قال عمرو حمزاوي كبير الباحثين بمعهد كارنيجي للسلام إن المحيط العربي شديد الانقسام حول القضية الفلسطينية وحول النظرة العامة إلي القضية العربية علي مستويات مختلفة, خاصة أن مصر أمام لحظة متميزة تعاد فيها صياغة الاهتمام العربي بقضية فلسطين, مؤكدا أهمية الحركات الشعبية ودلالاتها السياسية المستقبلية.
أعلن د. حمزاوي عن سقوط الصيغة التي توافقت عليها الدول الكبري والتي تتلخص في قيام دولتين, دولة إسرائيل ودولة فلسطين, وهو حل غير ممكن وغير قائم, خاصة أن محور إيران, سورية, حزب الله, وحماس لديه المزيد من النفوذ حاليا بسبب ما يحدث في الشارع العربي, إلا أن مصر وتركيا حليفتي الولايات المتحدة لايزال بإمكانهما تغيير هذا الميل في حال نجاحهما في التوصل إلي وقف إطلاق نار دائم وهو أمر تدعمه الولايات المتحدة.
شدد د. حمزاوي علي أن المنطقة مقسمة بشكل واضح مجددا إلي معسكر موال لإيران وآخر للولايات المتحدة مع اتهام مصر والأردن والمملكة العربية السعودية لحماس بخدمة مصالح إيران الشيعية والدولة غير العربية.
وإذا وضعنا في الاعتبار تصريحات مستشاري الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما نجدها اتسمت بعدم وجود موقف محدد لما يحدث في غزة ويمكن تفسير ذلك علي أنه موافقة علي الحرب التي تشنها إسرائيل علي غزة.
من جانبه قال الدكتور وحيد عبدالمجيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, إن الهجوم الإسرائيلي علي حركة حماس وقصف غزة وما تبعه من حرب إعلامية شرسة شنتها بعض الدول علي مصر, تتهمها بالتواطؤ مع إسرائيل علي الشعب الفلسطيني, ما هي إلا جزء من خطة لمحاولة فرض السيطرة علي المنطقة, وتهميش الدور المصري وتواجده في الشرق الأوسط.
للأسف – والكلام للدكتور وحيد – قامت دول مثل سورية وإيران باستخدام حزب الله في مهاجمة مصر ودعوة الشعب المصري لاقتحام معبر رفح وفتحه, ونلفت النظر إلي أن فتح المعبر لا يتم بهذه الصورة ويخضع لقرار من القيادة السياسية المصرية فقط.
أضاف عبدالمجيد أن مصر لها دور قيادي في المنطقة وهي بلد كبير في المنطقة لها وزنها دوليا وإقليميا ودائما ما دافعت عن فلسطين وكانت النتيجة هي موت ضابط مصري برصاص فلسطيني.
التحريض المكشوف!
فيما قال السفير عبدالرؤوف الريدي رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية, إن الأوضاع التي تشهدها المنطقة خطيرة جدا, وأن التداعيات ستكون خطيرة, خاصة في ظل حملة التحريض التي دشنها حسن نصرالله أمين عام حزب الله ضد مصر, بعد أن طالب الشعب المصري بالخروج في مظاهرات مليونية, والتصدي لأجهزة الشرطة لتنفيذ هذه المظاهرة في تحريض مكشوف يستهدف التهديد بحدوث انشقاق وانقسام داخلي في مصر, وهي بالطبع تصريحات مرفوضة لما لها من تدخل في أمور السياسة المصرية والشأن العام الداخلي.
أكد الريدي أن مصر في حاجة إلي حوار وتوثيق علاقتها بالرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما لتعويض كوارث ارتكبها عهد بوش والمحافظون الجدد, خاصة أنه عندما تكون هناك علاقة وثيقة بين مصر وأمريكا ستحقق درجة كبيرة من الاستقرار في المنطقة, كما أن تنامي الدور الإيراني في المنطقة ناجم عن عدم الاستقرار. وأن هذا الدور يسعي للخصم من رصيد مصر مطالبا بضرورة إجراء حوار إقليمي يمتد لتشارك فيه أوربا.
استغلال القضية!
قال السفير حسن عيسي مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة إسرائيل السابق بالخارجية إن التدخلات الخارجية هي الأخطر علي القضية الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي والخلافات الفلسطينية – الفلسطينية, وأن هذه التدخلات تمثلت في مساعدة إيران لحركة حماس, لتخفيف الضغوط الواقعة عليها باستغلال أوراق من بينها حزب الله والعراق, وأن ما حدث في غزة ليس بعيدا عن التخطيط الإيراني وما تم من اجتياح فلسطيني لمعبر رفح كان خير دليل علي هذه المخططات التي نفذتها حماس والتي سعت لإغلاق المعابر الثلاثة الرئيسية لقطاع غزة وتجهيز الداخل الفلسطيني بالقطاع للانفجار مستغلة الحصار المفروض عليه وحينما جاءت اللحظة المناسبة قامت الجرافات الفلسطينية بكسر الحدود وتدفق ما يقرب من 700 ألف فلسطيني إلي داخل سيناء.
أوضح عيسي أن الرئيس مبارك رأي استيعاب هذا الاجتياح لأسباب إنسانية وبتصرفه أفشل مخطط المواجهة المصرية – الفلسطينية, خاصة بعد أن كان من المتوقع أن تدافع مصر عن حدودها بسبب هذا الاقتحام الذي كان مخططا له خاصة مع وجود أسلحة وقنابل يدوية وأحزمة ناسفة تم ضبطها مع المقتحمين بجانب ضبط نصف طن متفجرات وقيام الفلسطينيين من مخترقي الحدود المصرية برفع العلم الفلسطيني علي المنشآت المصرية مما يؤكد أن هذه العملية كانت مدفوعة من الخارج لأنها تخطيط إيراني بحت يستهدف المصالح الإيرانية.
ومن جانبه قال السفير محمد بسيوني رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشوري إن مطالبة البعض لمصر بفتح معبر رفح هو أمر يخضع للقيادة المصرية فقط وهو أمر سيادي مصري في المقام الأول, وأكد أن ما يقال حول إن مصر تريد تصفية حركة حماس غير صحيح, فمصر لا يهمها إلا الشعب الفلسطيني, وعلي حماس أن تعي هذا, فمصر ليست شريكة لإسرائيل في الحرب علي غزة لأن حماس هي من بدأت بهذا عندما رفضت مد التهدئة.
المعبر الشرعي
في السياق ذاته قال الدكتور مصطفي علوي أستاذ النظم السياسية وعضو مجلس الشوري إن القضية الفلسطينية ترتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي المصري ولا يمكن التغافل عنها. مضيفا أن المعبر هو طريقة الاتصال والعبور الشرعية بين مصر وغزة إلا أن حركة حماس قامت بحفر الأنفاق لتتمكن من تهريب السلاح والمال والأفراد إلي غزة, وقامت مصر بإغلاق العديد من هذه الأنفاق التي تنتهك الحدود المصرية, وتقوم إسرائيل بقصف الشريط الحدودي من ناحية غزة بالطائرات لتهدم هذه الأنفاق التي يقدر عددها ما بين 600 إلي 1000 نفق.
وشدد علوي علي أن الأمن القومي المصري لا يمكن التهاون أو التسامح فيه وأن الحكومة بجميع هيئاتها ومؤسساتها معنية بمثل هذا الأمر, ولن تقبل أي تدخل من قبل إيران قد يضر بالمصالح المصرية في المنطقة.
واختلف حمدين صباحي عضو مجلس الشعب مع الكلام السابق قائلا: إن أمن مصر القومي لا يتهدد بحماس فالشعب الفلسطيني حليف وشقيق لمصر, وإنما يجب وقف تصدير الغاز لإسرائيل لأنها العدو الرئيسي ومصر خاضت ضدها عدة حروب.