جاء قرار الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي بإلغاء نظام الانتساب الموجه بالجامعات الحكومية اعتبارا من هذا العام بمثابة صدمة للجميع,خاصة بعد إعلانه توجيه الطلاب إلي أشكال أخري من التعليم مثل التعليم التبادلي والتعليم المفتوح والتعليم عن بعد والذي يستوعب أعداد كبيرة من الطلاب التي تعمل وتتعلم في ذات الوقت,خاصة في ظل غياب الجودة التعليمية,وغياب وجود بدائل ناجحة..
حول هذا القرار الفردي والمفاجيء وعدم وضوح دور الدولة في العملية التعليمية أجرت وطنيهذا التحقيق..
لا هدف من إلغاء الانتساب!
صرح الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي لا يوجد هدف معين من إلغاء الانتساب,ولكننا نعمل في منظومة متكاملة ولابد من التطوير وما حدث مع الانتساب تطور طبيعي وسوف يكون خيرا علي الجامعات,حيث تقل كثافة تواجد الطلاب,مع وجود أعداد قليلة في المدرجات من خلال طلاب الانتظام فقط,وكذلك التخفيف عن كاهل المدن الجامعية وأن قرار المجلس الأعلي للجامعات بإلغاء الانتساب خطوة نحو تطوير التعليم العالي,خاصة في ظل الأعداد القليلة الموجودة في الثانوية العامة هذا العام,والتي يمكن أن تستوعبها الجامعات سواء الحكومية أو الخاصة.
أشار الوزير إلي أنه تقرر من قبل الجامعات الحكومية زيادة رسوم مصروفات الالتحاق بأقسام الانتساب من 400 جنيه إلي 5 آلاف جنيه للكليات النظرية الآداب والتجارة والحقوق ودار العلومكما قررت قبول الحاصلين علي بكالوريوس من إحدي الكليات العملية بكلية عملية أخري برسوم تبلغ 8 آلاف جنيه بدلا من 450 جنيها.
وكان المتقدمون للالتحاق بهذا النظام التعليمي في جامعة القاهرة فوجئوا بتطبيق قرار رفع الرسوم ليسري علي كل طالب متقدم للقيد بالانتساب للحصول علي بكالوريوس أو ليسانس لمرة ثانية أو ثالثة.
التوجه للتعليم المفتوح!
وصرح مصدر بالمجلس الأعلي للجامعات أن قرار رفع رسوم الانتساب تم اتخاذه قبل شهور داخل المجلس الأعلي للجامعات,ولم يتم الإعلان عنه لعدم إثارة الرأي العام,وإن الهدف من وراء القرار صرف الطلاب عن الالتحاق بهذا النظام وتوجيههم إلي التعليم المفتوح,وأنه تم اللجوء إلي ذلك بعد فشل وزير التعليم العالي هاني هلال في اتخاذ قرار إلغائه, كما حدث مع الانتساب الموجه,لاستناد نظام الانتساب العادي,إلي أسس قانونية تمنع إلغاءه قبل إدخال تعديلات جذرية علي قانون تنظيم الجامعات.
أشار المصدر إلي أن خطورة رفع الرسوم مجرد تمهيد لإلغاء النظام بدعوي عزوف الطلاب عن الالتحاق به بعد إرتفاع تكلفة الدراسة به عن تكلفة الدراسة بالبرامج المماثلة في التعليم المفتوح والجامعات الخاصة,علي أن يتم ذلك ضمن مشروع قانون مقترح جديد لتنظيم شئون الجامعات المصرية,مما يؤدي في النهاية إلي التخلص من القيود القانونية التي تمنح الطلاب الملتحقين بهذا النظام مزايا من بينها التعيين بسلك هيئة التدريس والتمتع بمزايا نظام التأمين الصحي الجامعي.
ونظام الانتساب العادي أنشيء لقبول الطلاب الراغبين في الحصول علي أكثر من شهادة جامعية في مجالات مختلفة,حيث يلتحق به الحاصلون علي البكالوريوس أو ليسانس في تخصص آخر مغاير للحاصلين عليه,وهو بذلك يختلف عن نظام الانتساب الموجه الذي تم إنشاؤه في منتصف تسعينيات القرن الماضي لاحتواء تزايد أعداد الملتحقين بالجامعات.
التعليم لكل الناس
قال الدكتور يسري عفيفي رئيس مركز تطوير المناهج :يجب علي الحكومة إن تتيح التعليم الجامعي لكل الناس,فكل الدول تتجه لتعليم شعوبها إلي أبعد الحدود,فالتعليم ينهض بسلوك ومستوي الناس,ولكننا يجب أن نطبق التعليم المتاح للجميع بشكل موضوعي فالتعليم عن بعد في مصر ينفر بعض المواطنين عن التعليم,ومجرد شهادة يتم شراؤها للوجاهة الإجتماعية,وما يحدث من إلغاء الانتساب والتوسع في التعليم المفتوح كارثة بكل المقاييس بالإضافة لذلك لا يجب رفع المصروفات للانتساب من الممكن أن يكون أول عام فقط ويتاح للمتفوقين بشكل منخفض.
محاولة الإلغاء المجانية!
من جانبه قال الدكتور محمد سعيد أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس: كل ما يحدث اتجاه للخصخصة وإلغاء مجانية التعليم هو تنصل للدولة من مسئوليتها بالإضافة لفشل تجارب التعليم المفتوح والتعليم عن بعد.
أما الدكتور فتحي عبد الهادي أستاذ المعلومات بجامعة القاهرة قال:إن هذا القرار لايمكن أن يكون سليما,لأن التطوير يحتاج إلي وضع برامج وآلية في المناهج والتدريس والتقويم,حيث إن اتخاذ القرار دون خطوط واضحة وبدائل ناجحة تعد كارثة لأنه من الواضح أن القرار يعالج شقا واحدا وهو تخفيض الأعداد,ولكن نحن نحتاج استراتيجيات وبدائل لتخفيف الجودة التعليمية الكاملة هذه الاستراتيجيات إذا توافرت ستتيح توفير مزيد من إمكانات البحث العلمي في مصر.
أما الدكتورة عزيزة يوسف وكيلة لجنة التعليم بمجلس الشوري أشارت إلي أن لجنة التعليم بالمجلس قررت إرسال مذكرة إلي وزارة التعليم العالي احتجاجا علي قرار الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي بإلغاء نظام الانتساب الموجه واصفه القرار بـالعشوائي لما سيحدثه من بلبلة ومظاهرات ضد الحرمان من التعليم العالي,خاصة أن هذا القرار جاء في غير وقته,حيث جاء في الوقت الذي تفتقد فيه لمعايير حقيقية لجودة التعليم المفتوح وأن هذا القرار سيقلص الأعداد التي تلتحق بالتعليم الحكومي مما سيؤدي إلي زيادة الطلب علي التعليم الخاص الهادف إلي الربح وضد المصلحة العامة.
القرار دون استطلاع!
أما النائب نبيه العلقامي عضو مجلس الشوري أشار إلي أن وزير التعليم العالي الدكتور هاني هلال تعرض لانتقادات كثيرة خلال اجتماع لجنة التعليم بالمجلس جراء قراره بإلغاء الانتساب الموجه بالجامعات المصرية دون إجراء استطلاع رأي المؤسسة التشريعية والمتمثلة في مجلسي الشعب والشوري.
وعلي صعيد آخر قال عبد الحفيظ طايل رئيس مركز الحق في التعليم إن قرار إلغاء الانتساب وزيادة الرسوم تعبر عن سياسة الدولة في دعوة الطلاب إلي التعليم المفتوح والخاص,مشيرا إلي هذا الاتفاق بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ نهاية التسعينيات علي زيادة المخصصات المالية للتعليم الأساسي وتقليل الإنفاق علي التعليم العالي.وأن هاني هلال وأحمد زكي بدر يتبعان هذه السياسة,فالدولة تدريجيا تنسحب من مسئوليتها تجاه التعليم المجاني وتتجه للتعليم الخاص والإنفاق عليه,ومشكلة التعليم في مصر عدم ربطه يسوق العمل وبالتالي غياب التخصص,وأصبحت الشهادات ذات قيمة اجتماعية.
وعاب طايل علي البرلمان المصري ولجان التعليم بمجلسي الشعب والشوري موافقتها ضمنيا علي خصخصة التعليم,وعدم وقوفها في وجه الحكومة علي حساب الشعب علي حد تعبيره.
ارتفاع رسوم الانتساب!!
وتقدم كل من المركز المصري للحقوق الاقتصادية والإجتماعية ومؤسسة حرية الفكر والتعبير بدعوي قضائية والطعن أمام محكمة القضاء الإداري علي قرار المجلس الأعلي للجامعات بزيادة رسوم الانتساب علي كليات الأداب والحقوق والتجارة ودار العلوم من 500 جنيه إلي5 آلاف جنيه,وقد حملت الدعوي رقم48280 لسنة 64ق.
كما استندت الدعوي علي مخالفة القرار لنص المادة 169 من قانون تنظيم الجامعات ونص المادة 271 من اللائحة التنفيذية لذات القانون,فضلا عن مخالفاتها للدستور وللعديد من المواثيق الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية,والتعليق العام رقم .13
كما حذرت المؤسستان من تبعات التخلي عن مبدأ مجانية التعليم في ظل الظروف المعيشية المتدنية التي يعيشها المواطن المصري وعدم القدرة علي النفاذ إلي التعليم الجامعي بنظام الانتساب بسبب هذه الرسوم الباهظة التي لا تزيد كثيرا علي الرسوم الداسية في بعض الكليات والمعاهد التابعة لجامعات خاصة.
الهدف هو اللجوء للتعليم المفتوح
ومن جانبه قال الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي إن الهدف المعلن من هذا القرار هو جودة التعليم وإصلاحه,ويعطي صلاحيات وامتيازات للجامعات الخاصة والتي غير معروف هدفها ولا شكل الرقابة التي تمارسها عليها وزارة التعليم العالي,فهناك ضرورة لعمل رقابة مشددة علي الجامعات الخاصة,وأنا أخشي – والحديث للدكتور مغيث – أن يكون الهدف من وراء هذا القرار هو اللجوء لنظام التعليم المفتوح لزيادة موارد الدولة بعد زيادة عدد الطلاب عليها بعد أن أصبحت الملجأ الوحيد بعد إلغاء نظام الانتساب الموجه.
أضاف الدكتور مغيث أن ما يحدث الآن تحت مسمي تطوير التعليم أو العملية التعليمية هو ليس تطويرا بالمعني العلمي المدروس وإنما يمكن أن نقول ونطلق عليه حلول جزئية لمشكلات العملية التعليمية هناك أبعاد ذات طبيعة مركزية عامة كعمل مؤتمر قومي يحدد فيه ما يمكن عمله علي مستوي مركزي وما هي المجالات التي تحتاج إلي قرار مركزي؟ منها تطوير المناهج أو الاختبارات كما هناك أشياء أخري ذات طبيعة عملية جزئية محدودة كالأنشطة داخل المدارس والجامعات,وتدريب القائمين علي العملية التعليمية للنهوض بالعملية التعليمية.