سادت حالة من الغضب الممزوج بالحزن أوساط المحامين خلال الأسبوع الماضي علي أثر الحكم الذي قضت به محكمة استئناف طنطا برئاسة القاضي مصطفي إمبابي رئيس المحكمة علي المحاميين الشابين إيهاب ساعي الدين ومصطفي فتوح بالسجن سنتين وثلاثة أشهر عن التهمة الأولي- ستة أشهر عن الثانية وثلاثة أشهر عن الثالثة والرابعة وستة أشهر عن الخامسة والتهم تدور حول السب والقذف والضرب والإتلاف للمال العام.. رغم التواجد الأمني الكثيف إلا أنه سادت حالة من الهدوء علي مجمع محاكم طنطا قبل وبعد الجلسة وكأنها الصدمة التي لم تنتظر..
وبعد بضع ساعات بدأ المحامون الدخول في موجات من الغضب التي تنبئ بحدوث كارثة بين القضاة والمحامين..
ترجع وقائع القضية إلي ثلاثة أشهر ماضية حينما صدر قبل شهرين حكم بالسجن خمس سنوات ضد المحاميين مع غرامة ثلاثة آلاف جنيه بتهمة التعدي علي وكيل النيابة. كان من المنتظر صدور قرار بإخلاء سبيلهما لحين إعادة التحقيق بشكل عادل في القضية خاصة أن جميع أعضاء هيئة الدفاع أجمعوا علي أن الحكم به عوار وأن السجن الاحتياطي في غير محله خاصة أنه لم تتم الاستجابة لطلب هيئة الدفاع في فتح تحقيق موسع في الواقعة, برئاسة رئيس محكمة استئناف طنطا, لمعرفة ملابسات الواقعة كاملة, وتقديم المخطئ للمحكمة سواء وكيل النيابة أو المحاميين علي أن تشمل التحقيقات حرس المحكمة, وأفراد الأمن الذين اتهمهم المحاميان بمشاركة وكيل النيابة في الاعتداء عليهما.
فيما أكد بعض النشطاء النقابيين أنه من المفترض تدخل النقابة من أجل إصدار قرار لحل الأزمة سواء بالعفو أو وقف تنفيذ الحكم لحين الفصل في النقض. وأشاروا إلي أن الحكم مبالغ فيه إذا ما قيس علي قضايا أكثر قوة مثل القتل الخطأ والضرب الذي يفضي للموت.
مؤتمر موسع
النائب الأول للحزب الناصري ونقيب المحامين السابق
علي الجانب الآخر عقد سامح عاشور النائب الأول للحزب الناصري ونقيب المحامين السابق مؤتمرا موسعا عقب حفل الإفطار الذي نظمه منذ أيام وحضره ثلاثة آلاف محام من مختلف محافظات مصر أعلن فيه علي خلفية الحكم الصادر ضد محاميي طنطا أنه يوجه إنذارا للنقيب حمدي خليفة ولمجلس نقابة المحامين إن لم تتم الدعوة لعقد جمعية عمومية حتي 30 سبتمبر الحالي يوضح فيها النقيب ومجلسه موقفهما من أزمة المحاميين مع القضاء ويقدمان اعتذارا صريحا عن التقاعس الذي تم إزاء تلك الأزمة, وكذلك توضيح الموقف المالي للنقابة من الشيكات التي يتم التوقيع عليها ويستمر أجلها حتي عام 2016 وتضع نقابة المحامين في ورطة مالية وهو ما دعا سامح عاشور إلي المطالبة بعقد جمعية عمومية غير عادية للمطالبة بسحب الثقة من النقيب ومجلسه.
أوضح سامح: استقلال نقابة المحامين هو عنوان استقلال مصر, ولم أتدخل في أي شأن للنقابة في أمورها العادية اليومية منذ أن تركت موقعي كنقيب للمحامين. لكن بعد مرور عام وبضعة أشهر من وجود النقيب والمجلس الجديد حدثت انتكاسات عديدة لا يمكن الصمت عليها, خاصة بعدما أصبح المساس الآن بكرامة المهنة.
استعرض عاشور الأزمات التي مرت بها النقابة علي مدار الأشهر الماضية بدءا بتعديلات قانون المحاماة التي نجح المحامون في إجهاض مشروعها والتي كانت تتضمن تغيير نص الترشح لمنصب النقيب, والذي كان ينص علي أن شرط الترشح هو ممارسة المهنة لمدة 20 عاما متصلة والقيد بجدول النقابة وأن يكون المترشح من أصحاب مكاتب المحاماة ليأتي التعديل ضاربا بالنص عرض الحائط ويترك فقط شرط القيد بالجدول. وأن هناك مخالفات مالية جسيمة منها شيكات مؤجلة حتي عام 2017 قيمتها 300 مليون جنيه, تنوي النقابة بعد 15 سبتمبر الجاري تحصيل اشتراكاتها مبكرا للوفاء بالتزاماتها.
حذر سامح المحامين من الدفع المقدم للاشتراكات والذي من شأنه التورط المتتالي في ديون علي النقابة في العام المقبل, مشيرا إلي أن تراكم مديونية علي النقابة يضعها وينفي عنها صفة الاستقلالية بل ويجعلها لقمة سائغة للحكومة.
طرح عاشور أيضا ما أشيع علي لسان أحد أفراد مجلس النقابة من رفع المعاش من 1000 جنيه إلي 7000 جنيه قائلا: نقابة المحامين تدفع نصف دخلها السنوي معاشات دخلها 60 مليون جنيه وحتي تتمكن من رفع المعاش بهذه الصورة تحتاج إلي 300 مليون جنيه فمن أين ستأتي النقابة بـ240 مليون جنيه هي فارق المبلغ ما بين الدخل الآن وما هو مستهدف.
طنطا .. كرامة مفقودة
عن أزمة المحاميين بطنطا قال: كان من الممكن حل الأزمة صبيحة اليوم التالي لكن للأسف بحث رئيس نادي القضاة لمدة 12 ساعة عن أي من أعضاء المجلس للتشاور معه وإنهاء الأزمة ولم يجد أحدا إذ أن النقيب كان ومجلسه مشغولين بالاحتفال بنجاحه في انتخابات الشوري الماضية.
من جانبه أوضح طارق العوضي المحامي والناشط النقابي أن أزمة محاميي طنطا تحتاج التدخل النقابي القوي لحين تقديم النقض خاصة وأنه حكم شابه العوار إذ أن المادة 32 من قانون العقوبات تنص علي أنه إذا ارتكب الفرد عدة جرائم يصدر الحكم علي الجريمة ذات العقوبة الأشد ولا يتم تجميع الأحكام كما حدث في حالة إيهاب ومصطفي. فالحكم جاء كما لو كان انتقاما لكرامة وكيل النيابة أو سلك القضاء ولم يتم البت في طلب فتح تحقيق موسع يشمل الطرفين (وكيل النيابة والمحاميين) للوصول لقرار منصف لكليهما.
من جانبه صرح حمدي خليفة نقيب المحاميين بأنه سوف يتولي صياغة مذكرة النقض للدفاع عن محاميي طنطا, أما عن سائر الاتهامات الأخري فليس لها أساس من الصحة ولن نخوض في الرد عليها.
الجدير بالذكر أنه عقب إعلان سامح عاشور نبيه سحب الثقة من النقيب سرت شائعة منعه من السفر بقرار من النائب العام عبدالمجيد محمود الذي أصدر بيانا صحفيا في اليوم التالي للشائعة يكذب هذا الخبر.