عندما كان يتم التشخيص الطبي لمريض بأن لديه سرطان الكبد كان يعني ذلك الحكم عليه بالموت, فالعلاج الكيميائي وما يصاحب ذلك من آلام للمريض وحياة معذبة وغالبا يموت المريض خلال عام من التشخيص والعلاج.
والإجراء الجراحي أيضا كان محفوفا بالمخاطر فعند فتح بطن المريض يقف الأطباء أمام تليف في الكبد يجعل إجراء العملية أمرا متعثرا خاصة أن الورم السرطاني الكثيف يكون عادة قابعا علي الأوعية الدموية الدقيقة.
أصبح الأمل في شفاء مريض سرطان الكبد الآن أكبر بكثير بفضل آلة تم اختراعها وتصنيعها في أحد المصانع الألمانية تعمل بواسطة ترددات كهربائية عالية ينتج عنها درجة حرارة مرتفعة جدا أطلق علي هذه الآلة: (Jhermo – Jherapie Hitt).
حيث تطلق الآلة كما ذكرنا حرارة مرتفعة جدا علي الورم الخبيث فيتفحم.
بشرح مبسط لعمل هذه التقنية الجديدة يقوم الجراح دون استخدام أي عملية فتح للبطن بإدخال إبرة غليظة لها رأس رفيع مدبب مثل المسلة ينتهي بفتحة ماسورة رفيعة جدا, ولكن يصيب رأس الإبرة مباشرة القسم المصاب بالورم في الكبد ويستعين الجراح بجهاز للترددات ما فوق الصوتية (Ultra Sound) لمراقبة العملية من الداخل, وبعد إدخال الإبرة في الجزء المصاب بالورم في الكبد يصدر من الآلة موجات حرارية تصل إلي الـ100 درجة توقد الأنسجة السرطانية وتجعلها تتفخم دون المساس بالأنسجة السليمة.
ويوجد بالماكينة فتحات يخرج منها محلول ملحي خاص يتم توزيعه بشكل مدروس علي الأجزاء التي تفحمت من الورم ليطفي ما تفحم منه, وفي كل مرة تستخدم فيها هذه التقنية يمكن القول بأن الأنسجة السرطانية تم حرقها أو تفحيمها بالكامل بعد عشر إلي خمس عشرة دقيقة, وأثبتت هذه الآلة فاعليتها في تدمير الأنسجة المسرطنة حتي لو كانت كبيرة.
يتعرض المريض لهذه الآلة مرتين أو ثلاثة أي في شكل جلسات دون أن يلحق بالمريض أي ضرر.
قام مصنع بيرشتولد الذي اخترع هذه الإبرة بإشراف أطباء جراحين بإجراء دراسة حول مرضي استخدمت معهم هذه الطريقة, فوجد أن 60% من المصابين بمرض سرطان الكبد في مراحله الأولي تم شفاؤهم كليا بعد علاج في شكل جلسات استمر لمدة عام.
ويقول البروفيسور ديرك بيكر من مستشفي أرلنج – نورنبيرج بألمانيا إن هذا الاختراع استخدم منذ عام 2000 علي أحجام مختلفة من الأورام السرطانية في الكبد يصل قطرها من 6مم إلي 40مم, وتم تدمير هذه الأورام, وفي بعض الحالات بنسبة 85%, وفي حالات أخري بنسبة 100% وبعد عدة جلسات منتظمة شفي تماما 50% من المصابين بسرطان الكبد ولا تحتاج هذه التقنية إلي أجهزة خاصة بل إلي ترددات كهربائية عالية بإمكان المستشفيات الصغيرة استخدامها, ويسعي مصنع بيرشتولد الذي اخترع هذه التقنية إلي تطوير الإبرة بالتعاون مع فريق من الجراحين المتخصصين في علاج سرطان الكبد, وذلك بعمل آلة تحتوي علي عدة إبر وليس إبرة واحدة يتم غرزها في الورم السرطاني من كل الجوانب مرة واحدة عندما يكون الورم حجمه كبير.
وكمثل عملي علي أهمية هذه التقنية غير الجراحية تم استخدامها لعلاج مريض من مدينة شفيرين في شرق ألمانيا عمره 74 عاما أصيب قبل 25 عاما بالتهاب الكبد الفيروسي بي ولم يعالج جيدا, فتحول المرض إلي ورم سرطاني واكتشف الطبيب إصابته بسرطان الكبد عند الفحص الدوري عليه, والمشكلة أن الورم كان في مكان ملئ بالأوعية الدموية الدقيقة مما جعل إجراء عملية جراحية أمرا صعبا.
ولكن عقب خمس جلسات من هذه الإبرة الجديدة تم تفحيم الورم, ويتمتع المريض حاليا بصحة جيدة.
عن: C.N.N