الكتاب المقدس أعظم وثيقة جمالية
الباب الأول
الفنون الأدبية المقروءة والمسموعة
النصوص المقدسة
الفن النبوي (النبوات)
طوبي للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة, ويحفظون ما هو مكتوب فيها, لأن الوقت قريب (رؤ1:3)
ولذلك يتضح لنا:
أن العهد القديم هدفه استعلان الرب يسوع المسيح في ملء الزمان, أما العهد الجديد فهو حلول هذا الملء.
ويقول القديس أثناسيوس الرسولي:
إن طابع الكتاب المقدس كله وغايته هما كما قلت لكم مرارا التبشير بعقيدتين خاصتين بالمخلص, إنه إله منذ الأزل, وهو الأقنوم الثاني أي الابن, وهو مجد الآب وحكمته بصفته الكلمة, وفي الزمن أخذ الابن جسدا من العذراء مريم أم الله وصار إنسانا من أجلنا, وحينما نتصفح الكتاب المقدس نجد في العهد القديم التعاليم الخاصة بالكلمة, وفي العهد الجديد -أي الأناجيل- نجد أن الله المتجسد الكلمة صار جسدا وحل بيننا (يو1:14).
لقد عرف العهد القديم عددا كبيرا من الأنبياء, وكان محور نبواتهم عن مجئ السيد المسيح, وعن التمهيد لمجيئه, وعن الشريعة الموسوية, ومصير اليهود والشعوب المتعاملة معهم والمجاورة لهم.
وقد تكاثر عدد الأنبياء في القرن الحادي عشر قبل الميلاد, وخاصة في الرامة, وكان همهم تقوية الإيمان بالله وتشجيع اليهود علي الصمود في وجه الفلسطينيين وأصنامهم. وكان هناك ما يسمي بمدارس الأنبياء, وكان رئيس المدرسة يدعي أبا أو سيدا كما في:
(1صم10:12): فأجاب رجل من هناك وقال: ومن هو أبوهم. ولذلك ذهب….
(2مل2:3): فخرج بنو الأنبياء الذين… أنه اليوم يأخذ الرب سيدك من….
وكان طلبة تلك المدارس هم أبناء الأنبياء, وتأسست لبني الأنبياء مدارس أخري في بيت إيل, وأريحا, والجلجال… وغيرها.
وكانت لهم مناهج تشمل تفسير التوراة وتعليم الموسيقي والشعر, وكانت معيشتهم في منتهي البساطة وكانوا يتعودون علي التقشف, والاكتفاء بالقليل والنسك وقبول الإحسان البسيط.
وكان الله يختار من بين هؤلاء التلاميذ عددا ويقبلهم أنبياء له, ليعلموا الشعب بما يريده منهم ويختصهم بنبوة.
إلا أنه كان بين الأنبياء من لم يدخل تلك المدارس أمثال عاموس النبي: فأجاب عاموس وقال لأمصيا: لست أنا نبيا ولا أنا ابن نبي, بل أنا راع وجاني جميز (عا7:14).
سمات النص النبوي:
1- قد يتعدد البعد الزمني للنبوة الواحدة, بمعني أنه يمكن للنبوة أن تتحقق علي أكثر من مرحلة زمنية. ومن الأمثلة الواضحة علي ذلك نبوة هوشع …. لما كان إسرائيل غلاما أحببته, ومن مصر دعوت ابني… (هو11:1).
2- معظم الأسفار النبوية كتبت بصيغة شعرية لذا يجب أن نتطرق إلي أنواع الشعر العبري:
أ- الشعر المتوازن وفيه الشطر الثاني يؤكد معني الشطر الأول:
+ قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك. ارجع ارجع إلي لأني فديتك (إش44:22).
+ الذين يذهبون لينزلوا إلي مصر ولم يسألوا فمي, ليلتجئوا إلي حصن فرعون ويحتموا بظل مصر (إش30:2).
ب- الشعر المتضاد وفيه الشطر الثاني يضاد معني الشطر الأول:
لا يصرخون إلي بقلوبهم حينما يولولون علي مضاجعهم. يتجمعون لأجل القمح والخمر, ويرتدن عني (هو7:14).
ت- الشعر المتطور وفيه الشطر الثاني ينمو ويطور معني الشطر الأول: ويصعد مخلصون علي جبل صهيون ليدينو جبل عيسو, ويكون الملك للرب (عوبيديا 1:21).
3- بعض الأسفار النبوية لا يمكن قراءتها كرسالة واحدة حيث إنه في بعض الأحيان يكون السفر عبارة عن تجميع لنبوات قالها النبي علي فترات متباعدة وفي ظروف متغيرة ولأشخاص مختلفين فمثلا إشعياء (إش1-39) كتب حوالي (700ق.م).
أما (إش40-66) كتب حوالي (681ق.م) أي بعد عشرين سنة تقريبا. وفي سفر عاموس في الأصحاح الأول يتنبأ علي أكثر من مدينة.
4- كثيرا عندما نقرأ النص النبوي نقع في حيرة شديدة لأننا لا نستطيع أن نميز بين كلمات الله وكلمات النبي أو متي ينتهي كلام الله ليبدأ تعليق النبي, ولذلك ينبغي أن ندرك أن شخصية النبي تتواري وتختفي متحدة بكلمات الله.
خطوات دراسة النص النبوي:
النظرة العامة:
1- اقرأ النص, ما هو انطباعك الأول؟
2- اقرأ النص, وقسمه إلي أجزاء فرعية؟ وضع عنوانا لكل جزء.
3- اقرأ النص, واستخرج الكلمات الصعبة.
- تخيل كاتب النص أمامك وتريد أن تسأله, اسأل دون أن تجيب.
ثم اسأل نفسك:
1- من: يقودك للتعرف علي كاتب السفر أو (النبوة), ولمن كتبت النبوة وحاول أن تتعرف علي معاني الأسماء ووظائفها وجنسياتها, وما هي حالة هذا الشعب من (خطية- توبة- فرح- يأس…).
2- أين: في أي مكان حمل النبي هذه النبوة؟ المكان والخلفيات التاريخية والجغرافية والسياسية والدينية وعلاقة ذلك بالنبوة.
3- متي: الزمن العام للنبوة (قبل أو أثناء أو بعد السبي) زمن الحدث وعلاقته بما قبله وما بعده.
4- ماذا: نصف الرؤيا أو الرسالة الموجهة من النص أو النبوة الأساسية.
5- كيف: تصف طريقة الخراب الآتي أو الخلاص الآتي, وكيف يؤدب الرب شعبه, أو ما هي الوعود التي يعطيها الله للشعب؟
6-لماذا: توضح أسباب النبوة الآتية سواء خراب أو خلاص, ويجب أن:
1- تركز علي وسائل الإقناع:
أ- النصيحة
ب- الحث
ج- الوعد
2- تركز علي أسلوب النبوة:
أ- التكرار
ب- المقارنة
ج- التضاد
د- صور أو تشبيهات
3- تتبع استخدام النبي لقواعد اللغة:
أ- زمن الأفعال (ماضي- مضارع- مستقبل)
ب- صيغة الكلام (مبني للمعلوم- مبني للمجهول).
ج- لهجة الكلام (أمر- إرشاد- طلب- رجاء- يأس- فرح- وعد…)
4- تتبع أدوات الوصل: لكن, مع, أن, أدوات الشرط, بينما… إلخ.
5- استخدم خيالك للتعرف علي النبوة: حاول أن تكتشف النبوة أو الرؤيا من خلال كلام الله, تخيل نفسك مكان الكاتب.
6- افهم الأسلوب المستخدم في النبوة:
أ- صورة المحاكمة مثل (إش3:13-26).
ب- اللعنات والويلات.
ج- الهدوء.
7- افهم النبوة علي المستويات الثلاثة:
أ- النبوة في محتواها الكتابي.
ب- النبوة في محتواها الكتابي بين النبوات الأخري.
ت- النبوة في محتواها الكتابي في خطة الله.
التطبيق:
ماذا نستفيد نحن من نبوة قديمة قد تحققت بالفعل, في حياتنا الآن؟
وسوف نذكر بعضا من أبرز النبوات التي ذكرت في الكتاب المقدس, وكان في إتمامها البرهان الذي يتحدي الجميع أن هذا الكتاب هو فعلا كتاب الله.
كما نأتي ببعض النبوات التي وردت عن السيد المسيح له المجد في العهد القديم وبيان إتمام هذه النبوات في العهد الجديد في بعض الأسفار والأصحاحات.