في خبر عاجل بثته جريدة واشنطن بوست الأمريكية والتي أوضحت أن حكومة بايدين أصدرت قانونا يسمي ريبو الذي تهدف من خلاله تجميد أصول وأرصدة البنك المركزي الروسي الموزعة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي كل من فرنسا وإيطاليا وبليجيكا وإنجلترا والتي تبلغ حوالي 300 مليار دولار, ويبدو أن الفكرة التي طرحتها الولايات الأمريكية في السنة الأولي للحرب الأوكرانية بمنظور العقوبات الاقتصادية كانت تهدف إلي تهديد روسيا عن الاستمرار في الحرب ولكن بعد انقضت السنة الثانية من الحرب أرسلت أمريكا ورقة نقاش وتوصية إلي مجموعة السبع الكبار في اجتماعها في إيطاليا والذي بينت فيه المقترح بالبت في تطبيق عملية تجميد للأصول الروسية في أوروبا, ولم تكن تلك هي المرة الأولي التي تنتهك فيها أمريكا أحكام وبنود واشتراطات القانون الدولي لحماية الأموال والأصول والأرصدة التي تستثمرها أي دولة في دول أخري, فقد جمدت أمريكا أصول صندوق التنمية العراقي بعد دخول صدام حسين الكويت والاستيقاظ عليها وتبعت دول أوروبا بما فيها سويسرا بتجميد أرصدة الرئيس صدام حسين نفسه وبلغت تقديرات الأموال المجمدة والتي لم تحصل عيها العراق حتي الآن ما بين 192 إلي 216 مليار دولار.
ولم يكن التغيير السياسي الذي طرأ علي إيران بعد الشاة إلي نظام الفقيه إلا سياسة واضحة اتبعتها السيستانية في الحصول علي السلاح النووي ونشر الفوضي وزعزعة الاستقرار في دول الخليج العربي, وتلتها قرارات كثيرة بسبب سلوك إيران النووي الذي يرفض قرارات وكالة الطاقة الدولية, وكذلك عرقلة كل آليات المراقبة والتفتيش علي المنشآت النووية والتي أعقبها قرار مجلس الأمن بتطبيق العقوبات الاقتصادية علي إيران, والتي ظلت أكثر من 17 سنة إلي وقتنا الحالي.
وإلي أيضا إصدار قانون تجميد أصول وأرصدة الحكومة الإيرانية والتي بلغت أكثر من 120 مليار دولار لدي دول الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية ومعظمها مبيعات النفط لتلك الدول.
ويظهر التغيير الواضح في السياسة الأمريكية الإيرانية بالإفراج عن بعض أرصدة مجمدة لدي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة لإيران تقدر بنحو 6 مليارات وقد تكون تلك الصفقة من أجل تغيير مسرح الحرب في الشرق الأوسط بعد فشل إسرائيل الزريع في غزة.
وهناك أيضا تجميد للأموال والأرصدة السعودية في عهد أوباما بعد إصدار القضاء الأمريكي لقانون الجاستا الذي بموجبه يحق للولايات المتحدة الأمريكية تجميد والاستيقاظ علي أي أرصدة أو أصول وجدت أنها تنتمي إلي أفراد أو حكومات ترعي الإرهاب فوق الأراضي الأمريكية وتضررت الدولة منه.
ولكن قامت الخارجية السعودية وهددت أن الأصول والأرصدة التي تتبع صندوق الاستثمار السعودي والبالغة حوالي 800 مليار دولار, وكذلك سندات وأصول الخزانة الأمريكية والتي تصل إلي حوالي117 مليار دولار محمية بموجب القانون الأمريكي, وأن المملكة سوف تقوم ببيعها كاملا.
من خلال سياق ردود أفعال الرأسمالية الأمريكية والتحفز الواضح لسياسية الولايات المتحدة الأمريكية بتأميم أو حجب أو مصادرة أصول وأرصدة وأموال أي دولة لديها استثمار سواء داخل أمريكا أو حتي في القارة العجوز الأوروبية, لن تستطيع الحفاظ عليها ما لم تكن سياسة هذه الدولة تتبع توجهات واسترضاء أمريكا.
ولكن السؤال الذي يحير الآن: لو أن هناك دولا تسعي بسياسة القوة وفرض الواقع علي الغير, وأن قانون الطبيعة يتطلب القوي ثم الأقوي, بل إن نواميس الكون والكرة الأرضية تحتاج إلي نظام جديد عالمي اشتراكي يستطيع العودة بقوانين البشر وتطبيقها بالعدل والمساواة والتبعية ذات طابع يحمل سياسة النفع العام وتحقيق أمن ومصالح الشعوب.. وإلي تكملة قادمة.